لآخر المستجدات تابعنا على قناة تلغرام

تابعنا
أخبار محلية

الدكتور عصام الخواجا نائب الأمين العام لحزب الوحدة الشعبية: لا مستقبل للأحزاب دون بناء قطاع شبابي وطلابي يتمتع بالوعي السياسي

الـNGOs عملت على إعادة صياغة الوعي المجتمعي الوطني بما يتوافق ومصالح الحكومات التي تمولها

نستضيف في هذا العدد وبمناسبة الذكرى الـ28 لتأسيس حزب الوحدة الشعبية الديمقراطي الأردني، الرفيق الدكتور عصام الخواجا نائب الأمين العام للحزب، ومسؤول الدائرة التنظيمية للحزب.

نداء الوطن: تمر هذه الأيام الذكرى الـ27 لتأسيس حزب الوحدة الشعبية، كيف تقيم جدية الحكومة الأردنية بالتعاطي مع العمل الحزبي بشكل عام وحزب الوحدة الشعبية بشكل خاص؟

د. الخواجا: بخصوص ما وصفته بتراجع العمل الحزبي، فبعد قرابة ثلاث عقود على الانتقال من حالة الأحكام العرفية إلى حالة الانفراجة الديمقراطية، التي تآكلت، لا يمكن أن نعزو ذلك لعامل واحد فقط، بل لعدة عوامل، أبرزها الدور السلبي المعطل والمعرقل الذي قامت وتقوم به السلطة التنفيذية من حكومات وأذرعها من جهة ، وثانياً، التشريعات والقوانين الناظمة للعمل الحزبي والانتخابات البرلمالنية والحياة الديمقراطية من جهة ثانية.

هذا الدور المعرقل والمعطل مرتبط بذهنية معادية للعمل الحزبي لدى من يتمتع بالصلاحيات التنفيذية ، ومفتاح فهم هذ الدور مركب ، يتضح إذا رجعنا لتقييم تعامل السلطة التنفيذية وحكوماتها مع ملف العمل الحزبي ، الذي كان مسنداً في السابق ولسنوات طويلة لوزارة الداخلية ، قبل أن تنتقل تلك المسؤولية لوزارة التنمية السياسية . فالذهنية صاحبة القرار والتي ألحقت العمل الحزبي بوزارة الداخلية هي ذهنية تشكيكية بالعمل الحزبي وجدواه وضرورته للنهوض بالتجربة الديمقراطية الأردنية، فإبقاء وزارة شأنها الرئيسي متصل بالأمن الداخلي لتكون المرجعية الإجرائية – الإدارية والقانونية للأحزاب لسنوات طويلة، وهي الوزارة التي يتبع لها الأمن العام ، وقوات الدرك ،والحكام الإداريين ، يعني أن نظرة السلطة للأحزاب كانت نظرة أمنية، لأن السؤال الذي يطرح نفسه؛ ما هو الرابط بين الأحزاب والعمل الحزبي وتطوير الحياة الديمقراطية وعمادها الأحزاب من جهة ،ووزارة تعنى أساساً بالأمور الأمنية؟ أما التغيير اللاحق بإخراج الأحزاب من مرجعيتها لوزارة الداخلية إلى وزارة التنمية السياسية، فقد حصل تقنين للتقييد على الممارسة الديمقراطية، والدليل على ذلك نجده في الممارسة العملية، فما زالت عضوية أحزاب المعارضة تتعرض باستمرار للاستدعاءات والمضايقات بين فينة وأخرى، وخاصة النشطة منها وعضويتها الشابة والطلابية، وهذه الممارسات موثقة لدينا، وما زالت مستمرة.

لقد دفع حزبنا ثمناً لذلك على مدى العقود السابقة بخسارته ليس فقط لمئات بل آلاف من عضويته ، وما زال ، والأمثلة تتكرر لتطال منع بعض الفعاليات والنشاطات التي يقيمها الحزب ومنظماته الحزبية، إضافة إلى الاستدعاءات لعدد من الرفاق خلال العام الحالي 2018 ،وما ذهبت إليه هنا ليس سراً وتداولته المواقع الاخبارية ووسائل التواصل الاجتماعي.

نداء الوطن: هل ترى أن الحكومة تتعاطى مع الأحزاب من على قاعدة “شر لا بد منه”؟

د. الخواجا: التجربة الحسية وعلى مدى العقود الثلاثة الماضية تبرهن أن الأمل بحقبة ديمقراطية جديدة مع إلغاء الأحكام العرفية قد تآكل إل حدٍ كبير ، فالممارسة الراسخة للديمقراطية كنهج حياة لا تستوي دون وجود أحزاب معارضة تحمل برامج بديلة لما يمكن أن نسميه “سياسات ونهج الحكومات” ، فطبيعة النظام السياسي والحلف الطبقي الحاكم والتغييرات التي مست مكوناته، منذ نشأته قبل قرابة القرن، ومراحل تطوره اللاحقة، كانت في حالة مواجهة وصراع مع الحالة الشعبية وأطرها المنظمة، وبارقة الأمل بعد انتخابات 1956 وتوجت بأول حكومة نيابية حزبية منتخبة من قبل الشعب الأردني ومعبرة عن إرادته ، جرى الإنقلاب عليها بعد أقل من عام على انطلاقها. أما انفراجة 1989 الديمقراطية، فتم الانقلاب عليها و”قضم منجزاتها المحدودة” من خلال جملة القوانين المقيدة للحياة الديمقراطية، والمعرقلة لأي تطور في الحياة السياسية، وفي القلب منها التجربة الحزبية.

إنه فنٌ أتقنته السلطة ، بتكيفها وعملها المنهجي لإجهاض أي نهوض حزبي، بدءاً من تشويه صورة العمل الحزبي، وملاحقة الحزبيين ومنعهم من كثير من حقوقهم المدنية والسياسية أثناء الأحكام العرفية ، والعودة لتصعيد التضييق المنهجي والمستمر عليهم بعد الانفراجة الديمقراطية عام 1989، وبشكل رئيسي منذ العام 1993، الذي أقر فيه قانون الصوت الواحد ، الذي شكل أهم الأدوات التشريعية في الردة والانقضاض على منجزات هبة نيسان 1989 ، فكل التعديلات اللاحقة على قانون الانتخابات البرلمانية ، حافظت على روح قانون 1993 ، وكل مخرجاته ساهمت في تشويه الوعي الشعبي تجاه الانتخابات ، فعززت النفعية ، وطمست البرامجية في العلاقة بين الناخب والمرشح للنيابة.

نداء الوطن: هل تشعر بأن منظمات التمويل الأجنبي تسهم في إضعاف دور الأحزاب؟ وهل ترى أن فكرة الحزب لا تزال ضرورة من أجل التغيير؟

د. الخواجا: نموذج المنظمات غير الحكومية ذات التمويل الأجنبي خصوصاً، تسعى في جلها وبشكل مدروس لإعادة صياغة الوعي المجتمعي الوطني بما يتوافق ومصالح الجهات أو الحكومات التي تقف خلفها وتمولها، فتمويلها ودعمها مشروط، والاستجابة أو التكيف مع هذه الشروط هو آلية عملية مدروسة وفعالة في إعادة صياغة أولويات الفرد والمجموعة من الناشطين والمتحمسين للعمل، وهؤلاء هم ممن يمكن أن يكونوا مرشحين للانخراط في العمل الحزبي البرامجي التطوعي، والموضوع لا يقتصر فقط على استقطابهم وإبعادهم عن العمل الحزبي، بل يجري العمل ليتحولوا من حالة التكيف مع هذا النموذج من العمل والنشاط إلى حالة التماهي وتغيير المفاهيم والقناعات ليصبح مع مرور الوقت داعية لمفاهيم وقيم الجهة التي تموله، تماماً كمروجي أي منتج.

نداء الوطن: يتسم حزب الوحدة الشعبية بقطاعه الشبابي والطلابي، كيف استطاع الحزب الحفاظ على هذا الحضور في القطاع الشبابي والطلابي، على الرغم من كل الصعوبات التي يواجهها العمل الحزبي؟

د. الخواجا: نجاح الحزب في تأسيس وتكريس قطاع شبابي وطلابي حيوي ، نابع من قناعة الحزب وهيئاته، أن لا مستقبل للوطن والأمة وبالضرورة الحزب، دون بناء قطاع شبابي وطلابي يتمتع بالوعي السياسي، والنظري، والتجربة الجماهيرية والحزبية المتشكلة في ميدان العمل والنشاط الوطني العام التطوعي بأبعاده وأشكاله المختلفة. وقد اقترنت هذه القناعة بالحرص الدائم على إيلاء هذا الملف أهمية ومتابعة قصوى من هيئات الحزب القيادية، ما أنتج تجربة راسخة. وكون الشباب يتمتعون بروح الحماسة والديناميكية والإبداع وتنوع الاهتمامات، فقد حرصت هيئات الحزب المعنية على إطلاق هذه الملكات ورعايتها وتوجيهها من خلال أشكال العمل الجماهيري المختلفة لتشمل ملفات طلابية مطلبية (حملة ذبحتونا) ، وطنية في مجابهة التطبيع ودعم خيارات مقاومة المشروع الصهيوني الاستعماري (اتحرك) ، ثقافية لبناء وعي موسوعي نقدي للواقع الاجتماعي والمرتبط بنشر ودعم ثقافة المقاومة (نقش) ، تطوعي لبناء روح التضامن والاحتكاك بالقطاعات الاجتماعية المفقرة (مبادرات مختلفة “كرامة”) ، كل هذا أثمر وبجهود مجموعة كبيرة من الرفاق والرفيقات في تبلور بنية شبابية وطلابية حزبية وصديقة واعية وتمتلك تجربة صنعتها وصقلتها الممارسة ، وبدأنا مرحلة جديدة تتمثل بالإنتقال من جيل مؤسس إلى جيل جديدمن هؤلاء الرفاق الشباب والطلاب.

الأردن مع فلسطين أيضاً مستهدف لتحويله أداة وتوظيفه كدولة بكل مكوناتها لتمرير صفقة القرن. فتهديدات المشروع الصهيوني للأردن كما فلسطين متلازمة ولا يمكن فصلها.

نداءالوطن: متى سنرى حزب الوحدة الشعبية في مجلس النواب؟

د. الخواجا: لقد حصل تشويه لما يمكن أن نسميه “الوعي الانتخابي” لدى جمهور الناخبين، كما أن الأداء الأقل من متواضع وضعيف لمجالس النواب المتعاقبة منذ انتخابات 1993 وحتى الآن، وهو يساوي جيلاً كاملاً تقريباً، انعكس إحباطاً وفقداناً للثقة من قبل الغالبية الشعبية بجدوى ودور السلطة التشريعية، لتنحصر غالبية الجماهير المشاركة في الانتخابات أو من هي على استعداد للذهاب إلى صناديق الإقتراع في الفئات الأقل اهتماماً بالشأن العام، والأقل وعياً لدورها السياسي في إعطاء الصوت لمن يحمل رؤية وبرنامج يستجيب لمصالح الغالبية الشعبية.

أما وصول حزب الوحدة الشعبية بشكل خاص ، والقوى الوطنية الديمقراطية بشكل عام إلى مجلس النواب فهو، في اعتقادي، رهن بتغيير قانون الإنتخاب والمنظومة الانتخابية للبرلمان ليصبح قانوناً ومنظومة تجسد إرادة الأمة، ومغادرة حالة تبعية السلطة التشريعية للسلطة التنفيذية، واقتران ذلك بتغيير قانون الأحزاب، وآلية تشكيل الحكومات وانتقالها لممارستها الولاية العامة، وفوق ذلك كله، وهو بنفس الدرجة من الأهمية، الارتقاء بالوعي الجماهيري وتشجيع العمل الحزبي.

نداء الوطن: نحو أردن وطني ديمقراطي .. نحو استرداد الحقوق الوطنية الثابتة للشعب الفلسطيني، كنائب أمين عام للحزب، كيف تقرأ تلازم هذين الشعارين اللذين يطرحهما الحزب والذي يتميز بهما عن باقي الأحزاب؟

د. الخواجا: بعد مضي 28 عاماً على تأسيس الحزب تعززت صحة تلازم هذين الشعارين ، وهذا يعكس العمق الفكري والسياسي الذي تميز به الحزب ليس فقط منذ تأسيسه، بل وإضافة إلى ذلك أنه شكل امتداداً خلاقاً لتجربة نضالية وكفاحية عريقة بدءاً من حركة القوميين العرب ، مروراً بالجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، ولاحقاً منظمة الجبهة الشعبية في الأردن، التي تمثل سياقاً متصلاً أنضج بنية فكرية حسمت عضوية وجدلية العلاقة بين الوطني المحلي، والقومي العربي، بآفاق إنسانية أممية.

لذا كان من بديهيات الأدب السياسي لحزبنا ليس فقط أن يستلهم خلاصات هذه المدرسة الفكرية ، بل أيضاً لأنه يشكل انسجاماً مع ، واستجابة مبدعة لخصوصيات التكوين التاريخي والاجتماعي للشعب العربي في الأردن. فالعلاقة التي تربط بين فلسطين والأردن قبل مؤامرة “سايكس بيكو” وبعدها، اتسمت بالتداخل والإندماج والتعاون والتضامن في مقارعة المشروع الاستعماري الاحتلالي الصهيوني الإمبريالي البريطاني، الإمبريالي الأمريكي لاحقاً. فالقضية الفلسطينية بالنسبة للشعب العربي الأردني ليست فقط قضيته القومية المركزية كونه “جزء من الأمة العربية” (حسب المادة 1 من الدستور الأردني ) ، بل هي قضيته الوطنية المحلية أيضاً.

والآن وفي ظل ما تتعرض له القضية الفلسطينية ، واستهدافها بغرض تصفيتها ، فإن الأردن مع فلسطين أيضاً مستهدف لتويله أداة وتوظيفه كدولة بكل مكوناتها لتمرير صفقة القرن ،فتهديدات المشروع الصهيوني للأردن كما فلسطين متلازمة ولا يمكن فصلها ، لذلك فمن المنطق والبديهي تلازم الشعارين بما يرتقي لمستوى الضرورة ، كناظم لعمل الحزب ، وحسب ما نرى ، أن يكون ناظماً للحركة الوطنية الديمقراطية الأردنية أيضاً.

بواسطة
أجرى المقابلة: د. فاخر دعاس
اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى