لآخر المستجدات تابعنا على قناة تلغرام

تابعنا
نداؤنا

الدلالة السياسية للموازنة وإقرارها

وأخيراً نجحت حكومة الدكتور هاني الملقي بتمرير الموازنة العامة وموازنة الوحدات المستقلة وإقرارها من قبل مجلس النواب.

إن حالة السرور التي أبداها البعض بالسرعة الزمنية في إقرار الموازنة، وأن هذه السرعة دلالة على تطور المؤسسية داخل المجلس، يكشف لنا كم نحن مشدودون للشكل على حساب الجوهر، وأن السرعة لم تكن كذلك بقدر ما كانت دليلاً واضحاً على افتقار أعضاء المجلس للرؤية الاقتصادية السليمة وعدم إدراكهم لحجم الانعكاسات الاجتماعية والاقتصادية لتلك الموازنة على المواطنين، وما ستتركه من معاناة وحرمان.

إن أبرز ما يميز تلك الموازنة – وهو من المفارقات العجيبة – ، هو ارتفاع النفقات الجارية بنسبة 6%. هذا الارتفاع يدلل على حجم التناقض مع كل ما يجري من حديث حكومي وبشكل متكرر من ترشيد الاستهلاك وضبط الإنفاق والتصدي الحازم لسياسات التهرب الضريبي، بل وتحسين إجراءات التحصيل الضريبي، وذلك من أجل مواجهة العجز في الموازنة.

والدلالة السياسية الأخرى، أن مجلس النواب كشف بإقراره السريع لهذه الموازنة وهزالة مستوى النقاش، دلل على عمق الأزمة السياسية والديمقراطية في البلاد، ودلل كذلك على هيمنة الحكومة على مجلس النواب، وأن مقولة فصل السلطات مسألة غير واردة في ظل الدولة الأردنية، وأن مجلس النواب كشف وبالدليل القاطع عن عجزه عن الوفاء بدوره ومسؤوليته الوطنية كممثل للشعب الأردني وطموحاته. كما دلل على أن مجلس النواب ليس أكثر من مؤسسة تابعة وملحقة إلى جانب السلطة التنفيذية.

بهذا الحال بدا جلياً أزمة الثقة المستحكمة بين الناس والحكومة، وبين الناس والبرلمان، وأكد على مركزية الإصلاح السياسي وبشكل رئيسي كل منظومة القوانين المتعلقة بالحريات العامة.

من المفيد الإشارة إلى أن التلاعب في تشكيل المؤسسات المستقلة وبدون حاجة وطنية فعلية، بقدر ما هي استجابة لمتطلبات أبناء المتنفذين، تجعل من وجوب إعادة النظر في وجود المؤسسات المستقلة واستمرارها مسألة في غاية الأهمية، وأن عدم تناولها والبحث في وجودها يعني انحيازاً حكومياً لتلك المؤسسات والعاملين فيها، وتكريساً لحالة الترهل الإداري الذي تعيشه مؤسساتنا.

وغني عن القول، أن الفلسفة الضريبية المتكرّسة في البلاد تعكس حجم الانحياز الطبقي من قبل الحكومة لصالح الفئات البرجوازية، ويبدو ذلك جلياً من خلال ارتفاع حجم المساهمة الضريبية غير المباشرة (التي يتحمل عبئها الفقراء) في الإيرادات العامة، ما يدلل ذلك الانحياز ويجعل من المعالجة والتصدي لتلك السياسة والرؤية الاقتصادية نقطة الانطلاق في مواجهة هذا الواقع.

إن غياب تلك الروحية من التصدي لتلك السياسة يعني فيما يعني تكريساً واضحاً لهذا النهج الفاسد ويعني مزيداً من العوز والحرمان لجماهير الشعب الأردني.

 

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى