لآخر المستجدات تابعنا على قناة تلغرام

تابعنا
أخبار دولية

اتفاقية التعاون الصهيو- أمريكية تهدف لاستباق نتائج الحرب في سورية

وقعت الولايات المتحدة الأمريكية والكيان الصهيوني مؤخراً اتفاقية جديدة للتعاون بينهما. حيث تعيد هذه الاتفاقية التأكيد من جديد على أن الحليف الإستراتيجي للولايات المتحدة هو الكيان الصهيوني. تقدم الولايات المتحدة بموجب هذه الاتفاقية أكبر معونة عسكرية لإسرائيل بمقدار (38) مليار دولار على عشر سنوات. ويجدر بالذكر أن معدل الدعم العسكري الأمريكي للكيان الصهيوني يزداد سنوياً بنسبة 30%.

مليارات أمريكية واستمرار التفوق العسكري الصهيوني
ويرى الرفيق عبدالعزيز خضر مسؤول الرقابة المركزية في حزب الوحدة الشعبية أن الاتفاقية الأمريكية الصهيونية التي وقعت الشهر الماضي تحمل دلالتين الأولى هي استمرار الدعم الأمريكي اللامحدود للكيان الصهيوني مع كل ما يحمله ذلك من معاني سياسية واقتصادية وعسكرية وهذا ليس بجديد.
أما الدلالة الثانية وفق خضر فهي في حجم الزيادة التي طرأت على المنحة الأمريكية المقدمة للكيان الصهيوني والتي تنطوي على مسألتين أيضاً فإضافة إلى ما سبق من تأكيد على الدور المحوري للكيان فهي تعبير عن معادل موضوعي في مواجهة الاتفاق النووي الإيراني مع المجتمع الدولي وفي مواجهة التهديد الاستراتيجي الذي يمثله محور المقاومة وعلى رأسه حزب الله وما يمثله مستقبلاً الصمود السوري في وجه الهجمة الإرهابية متعددة.
فيما ترى الأستاذة ناديا سعد الدين مسؤولة الشؤون الفلسطينية في صحيفة الغد أن ترسّخ المساعدات المالية الأمريكية “السخيّة” للكيان الإسرائيلي، وفق الاتفاق الذي جرى توقيعه، عمّق التحالف الاستراتيجي الثنائي، الممتد فعلياً منذ قيام “الكيان” المحتل في فلسطين والمؤطرّ رسمياً في مطلع ثمانينيات القرن المنصرم، والذي أسهم في اختلال موازين القوى بين العرب والاحتلال لصالح الأخير، مقابل خدمة المصالح الأمريكية في المنطقة.
وتضيف سعد الدين أن الاتفاقية “غير المسبوقة” التي حرص الرئيس الأمريكي، باراك أوباما، على توقيعها قبل مشارفة مغادرته سدّة البيت الأبيض، تشكلّ أضخم مساعدة مالية تقدمها واشنطن للاحتلال عبر تاريخ العلاقات البينيّة، وأكبر معونة عسكرية تقدمها لدولة “ما”، بقيمة تصل إلى 38 مليار دولار خلال السنوات المالية 2019-2028 بدءاً من نهاية العام 2018 التي ينتهي عندها أمدّ الاتفاقية الحالية، بمعدل 3,8 مليار دولار سنوياً، بما يتيح للكيان الإسرائيلي تعزيز مجاله الجويّ وتطوير إمكانياته التكنولوجية التقنية، وسط مشهد إقليمي عربي مضطرّب.
وتلفت الدكتورة ناديا سعد الدين في حديثها لـ نداء الوطن أنه وبعيداً عن طبيعة التصريحات الرسميّة التي صدرت سابقاً من قبل المسؤولين الأمريكيين والإسرائيليين حول توتر العلاقة الثنائية وبلوغها حدّ مرحلة “حرجة” قد تؤثر سلباً في ملف المساعدات؛ فإن الخطورة تكمن في حيثيات الاتفاقية، والتي ستحصل سلطات الاحتلال بموجبها على أسلحة متطورة، تتضمن طائرات تستخدم في تزويد المقاتلات جواً، وقنابل عنقودية تستخدم لتدمير مخازن الأسلحة تحت الأرض، ورادارات متطورة لم يتم الكشف عن نوعها حتى الآن.
كما تحمل “الحزمة الجديدة” –وفق سعد الدين- متغيرات مقارنة بسابقاتها؛ إذ تحوّي تعديلات على طرق صرف الأموال، ونوعية المواد التي يمكن شراؤها، إلى جانب تقديم الدعم لعقد كامل من الزمن لبرامج الاحتلال الإسرائيلي الدفاعية الصاروخية، شريطة التزامه بعدم ممارسة أي ضغط داخل “الكونغرس” الأمريكي لنيل أموال إضافية.
على صعيد الداخل الصهيوني، ترى سعد الدين أنه وبالرغم مما شكله الاتفاق الجديد من ارتفاع في قيمة المساعدات، إلا أنه جوبه بمعارضة إسرائيلية، باعتبار أن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، الذي طالب بأربعة مليارات دولار سنوياً، كان بإمكانه إنجاز “صفقة” أكثر ربحيّة للكيان الإسرائيلي “لولا توتر العلاقات الأمريكية – الإسرائيلية في عهده”، بحسب رأيها.
فلسطينياً، تلفن الأستاذة ناديا سعد الدين إلى أن “الحزمة العسكرية” السخيّة تعتبر بمثابة “صكٍّ” أمريكي مفتوح للاحتلال الإسرائيلي للاستمرار في جرائمه ضدّ الشعب الفلسطيني. كما تجبّ معها أية آمال واهنة لبلوغ اتفاق “سلام”.

اتفاق ثنائي بأبعاد إقليمية
يبدو أن الاتفاق يأخذ أبعاداً أكبر من اتفاق ثنائي بين دولتين، فالأوضاع الملتهبة في منظقة الشرق الأوسط تضع علامات استفهام كبيرة حول توقيت هذا الاتفاق ومغازيه.
الرفيق عبد العزيز خضر يؤكد على أن الحضور الروسي والصمود السوري يتعاظم، كما أن دور إيران وحزب الله في المنطقة بات يشكل قلقاً متزايداً للولايات المتحدة والكيان الصهيوني وهذا ما وفر مناخاً ملائماً لإنجاز الاتفاق بشروط أفضل لم يتوقعها نتنياهو نفسه، والذي أطلق عليها الميدالية الفضية نظراً للخلاف الذي ساد لفترة بينه وبين الإدارة الأمريكية.
ويلفت الرفيق خضر إلى أن الكيان الصهيوني كان وما زال يشكل رأس الحربة في التدخل الإمبريالي بالمنطقة ويتوقع له التصاعد في ضوء تنامي الدور الروسي وإصراره على هزيمة المنظمات الارهابية غير آبه بالتهديدات الأمريكية لأنه يدرك في هذه المرحلة التي تسبق الانتخابات قدرة الإدارة على اتخاذ قرارات كبرى والتدخل بسوريا أو الاحتكاك مع روسيا بصورة أو أخرى.
ويشير الرفيق خضر إلى أن العدو الصهيوني يلعب دوراً مباشراً بدعم الإرهابيين عبر جبهة الجولان، ومن هنا يأتي قصفه لمواقع الجيش السوري لمنعه من تحقيق انتصار على تلك الجبهة ودعمه المباشر وغير المباشر لهم ولكن ذلك لم يمنع الجيش العربي السوري من الاندفاع على جبهة الجولان أو درعا مدعوماً بمقاتلي حزب الله, لكن بالمقابل لا نستطيع التقليل من شأن التغلغل الصهيوني في المنطقة العربية عبر التطبيع السياسي والدبلوماسي والاقتصادي وخاصة دول الخليج العربي وإلى حد ما مصر والأردن اللتان تقيمان علاقات دبلوماسية معه.
ويختم الرفيق عبدالعزيز خضر حديثه لنا بالتأكيد على أن الدعم الأمريكي يشكل الشريان المغذي للكيان الصهيوني الذي لا يمكن لهالاستمرار بوظيفته بدونه، وأن الرد الضروري على هذا الدعم يجب أن يكون عبر تدعيم محور المقاومة وزيادة مساحة التحالفات الداعمة لقضيتنا واستعادة الدور الفلسطيني إلى محور المقاومة ودعم صمود سوريا في مواجهة الهجمة التكفيرية الإرهابية.
وتشير الأستاذة ناديا سعد الدين إلى أن الاتفاقية، تشكل في حساب المقادير السياسية والعسكرية الإسرائيلية، استهدافاً للمقاومة، بحيث تقف “رادعاً” للمقاومة الفلسطينية، لاسيما عقب إعلان جهوزيتها لصدّ أي عدوان إسرائيلي جديد يهدد بشنّه ضد القطاع، وتطوير منظومتها الدفاعية الصاروخية لتصل حدّ عمق الكيان المحتل. كما قد تشكل الاتفاقية استهدافاً “لحزب الله”، الذي أكد مؤخراً امتلاكه الإمكانيات القتالية والصاروخية التي يبلغ بها عمق الكيان الإسرائيلي، في ظل عدم استبعاد إقدام الاحتلال على تكرار عدوانه في العام 2006، لجبّ الهزيمة التي مُنيّ بها على يدّ المقاومة اللبنانية، نظير سجله الإجرامي الحافل ضد الشعب العربي.
ولفتت سعد الدين إلى أن الاتفاق النووي الإيراني الذي كان قد شكل محور الخلاف الأمريكي – الإسرائيلي الأخير، فإن الاتفاق الجديد يعدّ بالنسبة للكيان المحتل رداً قاسماً على التهديد الإيراني المحتمل، كما يراه الاحتلال. ويزيد من ذلك؛ أن “حزمة المساعدات” العسكرية الأمريكية للكيان الإسرائيلي تأتي في ظل “الإنكفاء” الأمريكي، وليس المغادرة التامة، من المنطقة، وتوتر العلاقات البينية مع السعودية، مما دفع بالرياض، مع دول خليجية أخرى، إلى التحرك نحو روسيا وأوروبا لتعزيز العلاقات، وبناء تحالفات وتكتلات جديدة، من دون التخلي عن تحالفها مع الولايات المتحدة الأمريكية، الذي تعده ذا طبيعة استراتيجية طويلة الأمد.
وتشرح ناديا سعد الدين وهي الأستاذة الأكاديمية والخبيرة في الشؤون الفلسطينية أبعاد زيارة المسؤول السعودي السابق اللواء أنور عشقي للكيان الإسرائيلي، ومن قبله إجراء اللقاء السعودي- الإسرائيلي الأخير، على شكل مناظرة، نظمها معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدني، بين رئيس الاستخبارات السعودية الأسبق، الأمير تركي الفيصل، ومستشار الأمن القومي الإسرائيلي السابق لحكومة بنيامين نتنياهو، الجنرال (احتياط) يعقوب أميدرور، حيث أحدثا جدلاً ولغطاً كبيرين حيال ما إذا كانا يشيران، تباعاً، إلي تقارب بيني، قد تتم الاستعاضة السعودية به عن المحاور التقليدية العربية المتغيرة دوما أم لا، وفقاً للظروف، في ظل وجود ملفات مشتركة قد تستدعي تعاون الجانبين، وفي مقدمتها ملف إيران، وتنظيم “داعش”، كما قال أميدرور، مقابل تركيز الفيصل على قيمة التلاقي باستلال “حل الدولتين”، وفق المبادرة العربية للسلام التي طرحتها السعودية في عام 2002، سبيلاً لحل الصراع العربي الإسرائيلي.
وتختم سعد الدين حديثها لنا بأنه مهما يكن من اختلاف وجهتي النظر، فإن هذه اللقاءات السعودية – الإسرائيلية العلنية، الأولى من نوعها، خلافاً للعلاقة القطرية – الإسرائيلية المفتوحة والمسار الخليجي – الإسرائيلي الخجول، يشي بتقلبات خطيرة في التحالفات الإقليمية وسط المشهد المضطرب، الذي أدى إلى تراجع الاهتمام بالقضية الفلسطينية، في ظل انشغال الدول العربية بقضاياها الداخلية على حساب جوهر الصراع العربي – الإسرائيلي.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى