لآخر المستجدات تابعنا على قناة تلغرام

تابعنا
مقالات

الأردن يخطو سريعاً نحو عودة الأحكام العرفية/ د. إبراهيم علوش

اعتقال منشئ صفحة مقاطعة شركة الاتصالات الأردنية على “فيسبوك” عصام الزبن من منزله في منطقة ماركا الشمالية بمداهمة لمنزله في العاشرة ليلاً يوم الثلاثاء، ومصادرة حاسوبه وهاتفه الخلوي، وتفتيش المنزل، بجريرة تأسيس صفحة لمقاطعة شركات الاتصالات الأردنية (الخاصة كما يفترض) بلغ عدد المشتركين فيها عند اعتقاله أكثر من 1،3 مليون مواطن، رداً على ما يتم تعويمه من “اقتراحات” من قبل النظام لاعتصار 450 مليون دينار إضافي من الضرائب والرسوم في العام 2017 من المواطنين، منها المزيد من الضرائب على خدمات الاتصالات المثقلة بشتى أنواع الضرائب العجيبة أصلاً…يؤكد ما بانت ملامحه منذ أكثر سنة وبضعة أشهر من أن صناع القرار بصدد الانقضاض على أي حالة مؤثرة، أو يشتبه بأن تكون مؤثرة، بغض النظر عن ارتفاع سقفها السياسي أو انخفاضه، وعما إذا كانت سياسية أم مطلبية.

وقد سبقت اعتقال الزبن حملة اعتقالات ضد المحتجين على رفع الضرائب والأسعار ببوستات على وسائل التواصل الاجتماعي، منهم مسؤولون متقاعدون، ومنع الفعاليات المحتجة على استيراد الغاز المسروق من الكيان الصهيوني، وشطب اعتصام جماعة الكالوتي “جك” الدوري والذي استمر أكثر من خمس سنوات ونصف احتجاجاً على وجود السفارة الصهيونية وعلى معاهدة وادي عربة وملاحقة القائمين عليه بطرق مختلفة داخل جمعية منناهضة الصهيونية وخارجها.

عملية خنق الاحتجاجات المطلبية السلمية في المهد، واستهداف القائمين عليها بطرق شتى، منها اعتقال الزبن قبل يومين من منزله ليلاً مع أنه لم يكن يشكل خطراً أمنياً أو راهناً، وكان بالإمكان ببساطة استدعاؤه كما كان يجري من قبل، وكما جرى مع غيره من قبل على نطاق أوسع أو أضيق، يُظهر أننا في طور الانتقال لمرحلة جديدة في الساحة الأردنية عنوانها العودة إلى ممارسة الحكم العرفي مع تضييق متصاعد للحيز السلمي لإبداء الرأي.

ورب قائل أن حملة مقاطعة شركات الاتصالات مشكوك في جدواها لأن المشترك الأردني يدفع مسبقاً، وبالتالي فإنما تؤدي المقاطعة إلى تخفيف العبء على شركات الاتصالات، هي نظرة غير سياسية لفكرة المقاطعة، بغض النظر عن صحتها من عدمه. فالمقاطعة تمرين في العمل الجماعي المنظم يمكن تطويره باتجاه تأخير دفع الاشتراكات أسبوعاً أو أكثر مثلاً، وهو بجميع الأحوال “بروفة” لما هو أكبر وأكثر فعالية، كما أنه يظل رسالة احتجاج تشعر من يهمه الأمر بقوة الشارع… لذلك دعونا لا نقلل من اثر المقاطعة حتى لو كانت للبيض والبطاطا. ومقاطعة الاتصالات ليوم لا يرسل رسالة احتجاج فحسب، بل يرفع الوعي بأهمية المقاطعة، ويبلور الحس الجمعي في مواجهة تغول نهج الإفقار والتطبيع.

ما يجري بالمناسبة ليس تجاوزاً لآثار “الربيع العربي”، كما يذهب البعض، إنما هو تجاوز لآثار “هبة نيسان” 1989 التي جاء رفع الأحكام العرفية على خلفيتها، لأن ما كان متاحاً قبل العام 2011، على محدوديته، بات يظهر كأنه “حالة ديموقراطية” جداً مقارنةً بما نعيشه اليوم.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى