لآخر المستجدات تابعنا على قناة تلغرام

تابعنا
مقالات

الإرهاب الأمريكي/المهندس وسليماني أنموذجاً

انسجاماً مع سلوك امريكي مشين لم يعد خافياً على احد, شُرع له بشكل واضح ومعلوم مع وضع الحرب العالمية الثانية لأوزارها بعد ان دعت امريكا الدول المنتصرة بالحرب وحلفائها الى اجتماع ” برتون وودز” في امريكا سنة 1944 فقد وضعت في هذا الاجتماع أركان النظام الاقتصادي العالمي الجديد بشقه المالي والنقدي من حيث تأسيس صندوق النقد الدولي, البنك الدولي وقواعد العملة وخاصة الدولار الامريكي الذي أصبح عملة التداول العالمية وبعد المداولات والحوار انسحب الاتحاد السوفيتي من الاتفاقية التي انبثقت عن هذا الاجتماع وعلق على انها محاولة جديدة للسيطرة على الدول الاخرى خاصة دول العالم الثالث سياسياً, اقتصادياً واجتماعياً فمن خلال ذراعي هذا التحالف الغربي صندوق النقد والبنك الدوليين ثم السيطرة السياسية على حكام العالم واقتصادياً على ثرواته عبر اغراق الدول بالقروض ودعم الحكام المستبدين والحيلولة دون تقدم هذه الدول وبناء اقتصاديات قادرة على معالجة المؤشرات الاقتصادية السالبة ابتداءً من معدلات النمو الاقتصادي مروراً بميزان المدفوعات والميزان التجاري وانتهاءً بمعدلات البطالة ورفيقتها الفقر.
يقول جون “بيركز” في كتابه اعترافات قاتل اقتصادي وهو كبير الاقتصاديين في وكالة المخابرات الامريكية ان مهمتنا كانت تتلخص في اقناع الزعيم في دول العالم الثالث في إقامة بعض المشروعات المتعلقة بالبنية التحتية لزيادة عمر الزعيم وحكمه!؟ وعندما يقول الزعيم من اين المال؟ نطمئنه بأن لا عليك فالبنك الدولي, صندوق النقد الدولي هم الممولين واذا رفض الزعيم فإن بنات آوى يكونوا في المرصاد لاصطياد الزعيم وان لم تنجح بنات آوى في اصطياده فيصبح الزعيم ووطنه مهددان بالاحتلال, هكذا هي الولايات المتحدة الامريكية.
لقد مارست الولايات المتحدة الامريكية ارهاباً واسعاً باتساع الكرة الارضية فاغتيالات قادة دول امريكا اللاتينية او تدمير البيئة في مختلف بلدان العالم الأخضر كانت وراءه الولايات المتحدة فكل الاغتيالات المشبوهة او المعلنة كانت ورائها المخابرات الامريكية بشكل خاص ومن يسبح في فلكها من مخابرات محلية في اكثر من بلد بشكل عام .
لقد اصبح واضحاً ان الصراع بين الشرق والغرب ما زال مستمراً وان تجلياته المتعددة على مدار اكثر من الفي عام اكدت مرة اخرى ان هناك قادة صراع متغيرون لكن الجوهر في الصراع بقي واحداً بين ظالمين ومظلومين بين حالمين وطامحين بين مناضلين مصرين على انتزاع المستقبل بالتضحيات المتعددة الاشكال والمختلفة الادوات.
بالعودة الى مرحلة ما بعد الحرب العالمية الاولى يتضح ان الغرب بقيادة بريطانيا, فرنسا, ايطاليا ومن ثم وما بعد الحرب العالمية الثانية الولايات المتحدة الامريكية تصدت لمحاولات عربية متعددة نحو الاستقلال السياسي والاقتصادي من خلال محاولات اكثر من ثورة في بناء الدولة النموذج لوحدة الامة في اكثر من قطر عربي, فمصر عبد الناصر قطعت شوطاً على طريق بناء الدولة وفي الشرق العربي كانت تجربة البعث في سوريا وعبد الكريم قاسم في العراق وجميعهم كان الغرب (امريكا, بريطانيا, فرنسا) يحول دون تقدمهم وبتعاون مع حلفاء للغرب من الانظمة الرسمية العربية تم الإجهاز على أول محاولة عربية لوحدة قطرين في عام 1958 بين (سوريا, مصر إلا أن المواجهة مع هؤلاء الاستعماريين لم تخفف من الصراع المحتدم ما بين جمال عبد الناصر وعبد الكريم قاسم او مع البعث العربي في سوريا فاستهداف هؤلاء من قبل امريكا استمر في تجربة البعث في العراق ولاحقاً البعث في سوريا مما يؤكد مرة اخرى على ان استهداف كل من يقول لا لامريكا هو هدف للاغتيال رغم حالات العداء والقطيعة التي سادت بين بعض الانظمة العربية (العراق وسوريا)(الاردن وسوريا)(الجزائر والمغرب) و(ليبيا ومصر)…الخ . ضمن السياق أعلاه يأتي اغتيال قادة الحركة الاسلامية في فلسطين او صدام حسين ورفاقه في العراق او معمر القذافي في ليبيا وكذلك الأمر في جوهر هذا الصراع يأتي اغتيال المهندس وسليماني في مطار بغداد رغم ما شهدته الساحة العراقية من كوارث بعد الاحتلال وقبل ذلك اثناء الحرب العراقية الايرانية من دور لهؤلاء القادة في قيادة الحرب مع العراق, فالعراق ونظامه عندما كان عصياً على التطويع والانجرار وراء الغرب على وجه العموم والولايات المتحدة على وجه الخصوص وبرنامجه المبني على الاستقلال السياسي والاقتصادي كان قد تجاوز فيه الخطوط الحمراء التي وضعتها امريكا .
ان العبر الواجب اخذها من قبل القوى السياسية على مختلف عقائدها في ان العدو الحقيقي هو امريكا وحلفائها وان استهداف امريكا لدول او لاشخاص يجب ان يوحد بوصلتنا ويجعل خلافنا حول بعض القضايا ثانوياً وليس رئيسياً مما يستوجب مراجعة حقيقية لكل ما مرت بها قوانا السياسية قومية/ يسارية واسلامية استناداً الى ان وحدة موقف هذه القوى من امريكا وحلفائها هي الوسيلة الحقيقية لمواجهة ارهابها وعدوانها خاصةً ورئيسها يعلن صباح مساء ان الهدف اولاً ودائماً هو الثروة (النفط, الغاز ) وحماية “إسرائيل”.

عمان/كانون2/2020

بواسطة
محمد البشير
اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى