لآخر المستجدات تابعنا على قناة تلغرام

تابعنا
أخبار دولية

البرزاني والرهان الخاسر على “إسرائيل”

كتبه: عبدالله الجمل

يأتي الاستفتاء الذي أجراه البرزاني تكملة لتصريحاته عن ضرورة تجديد سايكس بيكو، الذي يعطي الوعود لإنشاء دولة كرديّة كما ودولة سنّية على حساب دماء العراقيّين .

ففي الأوّل كانون الثاني 2016 وبحسب صحيفة الغارديان ، دعا مسعود برزاني العالم للاعتراف بإخفاق سايكس بيكو التي رسمت الحدود في الهلال السوري الخصيب، وطالب باتفاق جديد يمهّد الطريق لدولة كرديّة. وقال لصحيفة الحياة في 7/2/2015: “إنّ الحدود الجديدة في المنطقة تُرسَم بالدم داخل الدول أو بينها” .

في تقديرنا لن يضيف الاستفتاء شيئاً للاستقلال الذي تملكه أصلا كردستان اليوم، إلا عبر التسلل لفرض الاستفتاء على كركوك وضمّها عنوة لمناطق سيطرة حكومة كردستان كما تسللت خلسة وضمت قضاء شيخان العائم على النفط ، لأنّ نفط كركوك في أيّ صيغة توافقية للانفصال أو لتطبيق مبادئ النظام الاتحادي القائم سيكون مناصفة بين الحكومة العراقية وحكومة كردستان، وأربيل التي تستولي على كامل عائدات النفط من عشر سنوات، تريد استباق نهاية الحرب على داعش، بالتهرّب من أيّ صيغة جدية لحسم أمر هذه العائدات التي لم تدخل لا في موازنة العراق ولا في موازنة كردستان، حيث مجلس نواب الإقليم معطّل منذ سنتين منعاً للمساءلة عن هذه العائدات التي تقدّر بمئتي مليار دولار، كما أنّ تنازل بغداد عما يستجدّ من عائدات مستحيل بعد نهاية الحرب على داعش، ولذلك يسارع البرزاني باحتلال كركوك تحت عنوان الاستفتاء وطيّ صفحة الأموال المنهوبة !

عبد الله الجمل

حظوظ قيام كردستان مستقلة، في أعقاب تسلح قيادة الإقليم بنتائج الاستفتاء لمصلحة الاستقلال، في محيط معاد من الدول التي أعلنت حكوماتها مواقف رافضة، مرفقة بجرعات متفاوتة من التهديد والوعيد. يمكن القول، على ضوء التصريحات المتطايرة لساسة هذه الدول، أن إيران هي الأكثر تشدداً في عدائها لقيام دولة كردية مستقلة على حدودها الغربية، وخاصة ضد القيادة البارزانية التي تربطها علاقات تاريخية مع كرد إيران، وقد قاتل الزعيم مصطفى بارزاني شخصياً مع كرد إيران ضد قوات شاه إيران في أربعينات القرن الماضي. وتبدو طهران اليوم جادة في وعيدها بإغلاق الحدود لخنق الكيان الوليد، إذا قدّر له أن يولد .

إنّ خطوة البرزاني بإجراء الاستفتاء ومحاولة استخدامه ورقة لتعزيز موقفه التفاوضي وفرض شروطه إنما هي خطوة غير مدروسة، فهي لم تأخذ بالاعتبار الواقع الجغرافي المحيط بإقليم كردستان العراق، ولا بموازين القوى وموقف الدول التي تحيط به، عدا عن أنّ خطوة من هذا النوع تعتبر مصيرية بالنسبة لكلّ هذه الدول تتطلب حواراً وتفاهماً معها، لا سيما أنّ لهذه الخطوة انعكاسات مباشرة على هذه الدول بسبب وجود أكراد فيها وخصوصاً في تركيا حيث العدد الأكبر من الأكراد الذين يبلغ عددهم فيها أكثر من عشرين مليون نسمة وهم يطالبون بالحصول على الحكم الذاتي، وهو بالطبع حق لهم، وقد حصل عليه الأكراد في شمال العراق إضافة إلى مشاركتهم الوازنة في مؤسسات الدولة العراقية.

قد يكون الحلّ الأمثل على المدى القريب هو صيغة من صيغ الاتحاد الفدرالي بحيث ينعم المواطنون بالتفاعل الحضاري والتطوّر والتقدّم والازدهار، لكن هذا الحلّ يحتاج إلى توافر ظروف سياسية أولاً تنأى بالمنطقة عن التدخلات الأميركية والصهيونية التي تسعى إلى توظيف حقوق الأكراد واستخدام بعض الأحزاب الكردية لأجل تحقيق أغراضها وأطماعها ومخططاتها الاستعمارية في عموم المنطقة، لا سيما دول جوار كردستان. فهل تتعظ القيادات الكردية من التجارب السابقة بالمراهنة على أميركا وكيان العدو الصهيوني؟ وتتوقف عن مواصلة مثل هذه السياسة التي لم تؤدّ سوى إلى نتائج سلبية على الأكراد!

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى