لآخر المستجدات تابعنا على قناة تلغرام

تابعنا
مقالات

الحقيقة السوداء: عن فائدة التطبيع مع العدو الصهيوني!

كل ما يحدث حولنا مفيد، برأيي، أو بالأحرى يلزم حدوثه. منذ بدايات الثورة الفلسطينية الحديثة نقول ثمة معسكران: معسكر الأصدقاء ومعسكر الأعداء، وما يحدث يجعل الأمور واضحة لنا كعين الشمس؛ فبذلك يتّضح معسكر الأعداء لنا أكثر وأكثر.

يقول الحكيم جورج حبش في إحدى مقالاته: “إن شرطًا أساسيًا من شروط انتصار أية ثورة هو الرؤية الواضحة للأمور؛ الرؤية الواضحة للعدو؛ الرؤية الواضحة لقوى الثورة، وعلى ضوء هذه الرؤية، وعلى ضوء تحديد طبيعة المعركة تتحدد استراتيجية الثورة.”

دعونا للحظة نخرج عمّا نردده دائمًا بأن الجامع لأحرار العرب اليوم هو “قضية مركزية”، ونقول إن الجامع لهم “عدو مركزي”؛ المسألة مسألة فرز يلزمنا للمواجهة، حتى وإن كنّا مسبقًا نعرف أن الرجعيات العربية في معسكر الأعداء، ونعي ذلك جيدًا، لكن الوضوح من نوع ما يحدث اليوم يفيدنا في ترسيخ ذلك. لننظر للأمر من زاوية الرؤية الواضحة للأمور؛ الرؤية الواضحة للعدو؛ الرؤية الواضحة لقوى الثورة.

وعن المواجهة، يجب أن نعي جيدًا أن الصهيونية ليست اسرائيل فقط، وإن كانت اسرائيل هي مسخ الصهيونية وسرطانها؛ نحن نواجه عدوًا مُركّبًا، فالحركة الصهيونية حركة عالمية، ربيبة الإمبريالية العالمية، ولها مشروعها بالطبع، وكما نعلم من وظائفها دعم اسرائيل بشريًا وماديًا ومعنويًا وغير ذلك.

أما الدعم البشري فجوهره ما يسمى بالهجرات اليهودية إلى فلسطين، وأما المادي فتتنوع طرقه بين الدعم المباشر والصريح بالمبالغ المالية الطائلة وبين العلاقات الاقتصادية والتبادل التجاري، ونحن إذ نقول “الصهيونية العالمية” بالتأكيد يجب ألا ننسى أن الوطن العربي هو جزء من العالم، وبالتالي؛ ثمة دور للرجعيات العربية عليها تأديته، وإلا لماذا نفرزها ضمن معسكر الأعداء؟! وهذا الدور يتمثّل في كي الوعي العربي الرافض لاستعمار أرض عربية ونهب خيراتها من خلال كسر العزلة التي يعيشها الكيان المستعمِر عن طريق التطبيع معه، وهذا دعم معنوي. هذا بالإضافة إلى الاستثمارات والتبادل التجاري وما إلى ذلك من أمور اقتصادية تصبّ في ازدهار مزيّف. انتبه! هي لا تفعل ذلك بسبب ما تتشدق به من أسباب كخوفها على مصلحة الفلسطينيين ووقوفها إلى جانبهم، هي تفعل ذلك خوفًا على نفسها، لأن ذلك هو الضامن لبقائها وبغير ذلك يكون زوالها.

من الأهمية بمكان هنا الإشارة إلى ما نراه من حديث عربي خليجي لأبواق الرجعيات المُطبّعة عن كون “التطبيع مع اسرائيل مصلحة سياسية خارجية للبلد المُطبّع.. وأن التطبيع يُعزز السلم في المنطقة”، حتى أنني قرأت شيئًا يقول “إن ذلك يعطي إشارة للإدارة الإسرائيلية بأن العرب يرودون السلم لا الحرب ما يدفعها للتفكير جديًّا بأمر السلام مع (سكان) فلسطين” – لاحظ! يقول الرجل: “سكان فلسطين” وليس الفلسطينيين. هذا كله، وغيره الكثير، ليس بجديد على صراعنا مع الصهيونية، بل إن الحركة الصهيونية اليوم تكرر ما فعلته من توظيف لأدواتها الإعلامية والصحافية في الفترة التي سبقت احتلال فلسطين ومهّدت لبدء الهجرات اليهودية، وأرست الكذبة الصهيونية الشهيرة: “أرض بلا شعب، لشعب بلا أرض.”

حدّثني رفيقي أمس، الذي صادف ذكرى استشهاد سلفادور أليندي، آخر رئيس تشيلي مُنتخب ديمقراطيًا، عام ١٩٧٣، وقال على لسان أليندي: ‏”أن تكون شابًا ولست ثوريًا، هو التناقض بحد ذاته”. أُفكّر بمقولة أليندي منذ البارحة، وأقول أن تكون شابًا عربيًا ولا ترى باسرائيل عدوًا لك، فذلك التناقض بحد ذاته أيضًا.

المسألة، إذن، مسألة بقاء؛ بقاء وظيفي تابع، وبقاء سيّد حرّ مقاوم، أي؛ أصدقاء وأعداء،

والتحدي قائم والمسؤولية تاريخية وطنية.

بواسطة
خاص نداء الوطن / محرر الشؤون الفلسطينية
اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى