لآخر المستجدات تابعنا على قناة تلغرام

تابعنا
أخبار عربية

الفقر مزق الثوب الطائفي وحاصر ثلاثية النظام المصرفي

ساحات لبنان منذ تسعة ايام حاشدة بالمتظاهرين الذين تداخلت شعاراتهم ومطالباتهم بعناوين العدالة من طالب باسقط الفساد عبر اسقاط رموزه وارجاع المال المنهوب عبر 30 عاما من الحكم .
الواضح ان الشعارات المطروحة تجمع عليها الساحات ولكن في الواقع يتمحور تحت هذه الشعارات فريقان من حيث المظهر تجمعهم الشعارات لكن في الجوهر يعكسان التناقض بين قطبي الصراع .
الاول يرى الشعارات خدمة لاهداف سياسية تتيح له اعادة انتاج دوره السياسي التاريخي القائم على اساس سلطة الطائفة التي تاسست عليها الدولة اللبنانية منذ الانتداب الفرنسي.
وهذا الطرف يفهم اسقاط النظام على اساس اسقاط المعادلات الجديدة التي طرأت من خلال مساومات بين اطراف سياسية وازنة وتريد من التظاهرات استخدامها لتغيير ميزان القوى الاجتماعي.

سياسيا: هذا الطرف خياراته السياسية واضحة من حيث تموضع لبنان مع السياسات الامريكية التي ترى ان صفقة القرن لا يمكن ان يكتب لها النجاح في ظل استمرار وجود المقاومة في لبنان التي اكتسبت قوة دفع جديدة بالنجاحات التي حققت في الاقليم وخاصة في الملف السوري ويريد هذا الطرف استخدام الساحات اللبنانية من اجل محاصرة الانجازات في محاولة لقلب ميزان القوى الاجتماعي عبر اظهار مطالب شعبية محقة ووازنة كانوا هم انفسهم طرفا رئيسيا تاريخيا بالوصول بالازمة الى مستويات تهدد بخطر انهيار الدولة ومؤسساتها واهم عناونيها المديونية التي اغرقت بها الدولة عن وعي داخلي وخارجي .
هذا الطرف يريد استثمار الساحات من اجل توجيه شعاراتها الاجتماعية لخلط الاوراق وتوجيها نحو الدور السياسي للمقاومة وتحميلها اسباب الازمة الاقتصادية وانعاكاساتها الاجتماعية.
اقتصاديا: هذا الطرف ومنذ تسلمه لمقاليد السلطة بعد الطائف كان واضحا بان خياراته هو نهب الداخل اللبناني عبر استثمار وجوده بالسلطة السياسية للاستيلاء على الاراضي وردم البحر والسيطرة عليه وتحت عنوان اعادة الاعمار ومؤتمراته المتتالية تم سرقة منظمة لحقوق المواطنين اللبنانيين الذين كانوا يملكون عقارات في وسط بيروت ودفع بالاقتصاد الريعي بدلا من الاقتصاد الانتاجي الوطني.
وفي جانب آخر تم دعم سياسة مالية ومصرفية تعتمد على ثلاثية البنك الدولي والبنك المركزي اللبناني والمصارف اللبنانية هذه الثلاثية المسؤولة عن تراكم المديونية ونهب اموال اللبنانين بغطاء سياسي حكومي لعب فيه الحريري وحلفائه السياسيون دورا محوريا في تراكم المديونية التي كانت تذهب اكثريتها لمصالح زعماء الطوائف . وما زال يوهم اللبنانيون ان مساعدة 11 مليار هي بوابة الحل في تمادي واضح لزيادة المديونية وسيطرة الثلاثية المصرفية.
اجتماعيا: هذا الطرف اسس لتعميق الفرز الطائفي والمذهبي عبر سياسة مدروسة كان يحكمها تعاظم دور المقاومة اللبنانية الوطنية والاسلامية .
وعبرت عن نفسها بشكل واضح بموقف هذا الطرف من الازمة السورية التي استثمر فيها سياسيا وماليا وكان جسرا بين المال الخليجي والتنظيمات الارهابية والكل يذكر دور النائب صقر الذي استقر في غازي عنتاب لتمويل المجموعات الارهابية.
هذا الطرف عمل على تضليل الشعب اللبناني وحصر مطالبه الاجتماعية بمطالب الطائفة في استثمار رخيص لدورها السياسي وحصتها من النظام السياسي وقدم لها فتات من خلال مساعدات مالية وعينية والكل يذكر قصة تنكات الزيت والسكر والرز التي وزعت في الاحياء الشعبية.
في الجوهر ان سلوك قادة هذا الطرف كان اذلال ممنهج لطوائفهم وتحويلهم لمتسولين على ابواب مقراتهم ولكن سياسة الرشوى لا يمكن لها ان تستمر واصطدمت مع تدهور الواقع المعيشي ولهذا فان القوى الاجتماعية مزقت ثوبها الطائفي ووحدتها مطالبها المعيشية واصبح الفقر الوطني الجامع هو الاطار الذي يحكم حركتهم ومصالحهم.
الدور الخارجي : المدقق في تصريح لاغارد ممثلة ورئيسة البنك الدولي حول دور البنوك المركزية والمطالبة باستقلاليتها هذا الموقف يعبر عن نقلة في النظام المصرفي الذي يتحكم بمصير الدول ويغرقها بالديون في محاولة دائمة لتعميق كمبرادوريتها من خلال اخراج النظام المصرفي من دوره الوطني الجامع لربطه بالكامل بالبنك الدولي وسياساته .
الطرف الثاني: يعبر عن القوى الاجتماعية والسياسية العابرة لطوائف بعناوينها السياسية والاجتماعية واتخذت عنوان المقاومة كشعار لمواجهة السياسيات الداخلية والخارجية هذا الطرف الذي فرض نفسه على منظومة الحكم من بوابة التحرير هذا الشعار الذي يحمل النقيض لشعار الفساد السياسي والاقتصادي فلا يمكن ان تتعايش المقاومة مع بنية الفساد بمجملها وهي مقاومة تعبر عن اوسع تاييد اجتماعي عابر للطوائف والاحزاب والدول والكل يذكر التاييد الشعبي العارم للمقاومة بعد انتصار 2006 الذي اجتاح شعوب العالم العربي . مما حدا بكوندليزا رايس ان تجتمع مع قادة لاجهزة استخبارية ووزراء خارجية في نوفبر 2007 من اجل تبادل وجهات النظر وكان موضوع المقاومة اللبنانية وحزب الله على جدول اعمالها وانطلقت بعدها سياسية عملية للتحريض المذهبي استخدمت واستحضر فيها الموروث التاريخي للخلاف السني الشيعي.
الشعار الذي اطلق في الساحات في الايام الاولى كلهن يعني كلن هذا الشعار الذي يريد ان يضع الجميع في سلة واحدة وموجه بشكل محدد للمقاومة ودورها ويلغي الدور الوطني التحرري للمقاومة.
في الخطاب ما قبل الاخير للسيد حسن نصر الله كان واضحا في موقفه الحاسم مع الفقراء وضد الفساد في اشارة متكررة لموقف المقاومة من الشان الاجتماعي والسياسي الداخلي واكد انحيازه الواضح ضد سياسات الفساد وهدر المال العام واطلق تحذيرات واضحة ومحددة.
كما ان التيار الوطني الحر بالمعنى العام كسب تاييده الاجتماعي من خلال موقفة المعادي لسياسة الفساد الاجتماعي والسياسي بالرغم من بعض الملاحظات على اداء بعض رموزه لكن المنحى العام للموقف العوني هو موقف حاسم مع المقاومة وضد التوطين واعادة العلاقة مع سوريا لما له تاثير على الوضع الاقتصادي اللبناني.
الطرف الحاضر الغائب هو موقف القوى السياسية من خارج المنظومة الطائفية كالحزب الشيوعي والقومي السوري الاجتماعي وحركة الناصريين والحزب العربي جميعها تتوافق مواقفها تاريخيا مع مواقف الساحات من اجل اسقاط النظام الطائفي الذي يشكل سببا في الازمة البنيوية للنظام اللبناني هذا الطرف المتحالف مع المقاومة اللبنانية له فرصة من اجل الاستثمار في الحراك لتوجيه لوجهته الوطنية التحررية ويؤكد على ان حراكه واضح ضد ثلاثية الهيمنة الاقتصادية والسياسية المصرفية للبنك الدولي والبنك المركزي المصارف اللبنانية وممثليها السياسيين والطائفيين التي عبرها يتم استنزاف واذلال المواطن اللبناني .
هذا النظام المصرفي الذي يستثمر كالمنشارفي جيوب المواطنون ويعمل على تنفيذ حرفي لسياسات البنك الدولي ويكشف المواطنون وحساباتهم المصرفية ويخضعها لعملية ابتزاز واضحة لتمرير العقوبات الامريكية على المقاومة ومناصريها في كل مكان . هذا النظام الذي اصبح يشكل عامل معيق للنمو الوطني عبر رهن امكانياته المالية لسياسات خارجية لا وطنية .
الفرصة التاريخية:
المقاومة بجميع الوانها واشكالها عليها ان تخرج من ابتزاز المساومات الطائفية لتنتقل الى الشارع في عملية ضغط لانهاء المشروع الطائفي والمذهبي وتساهم في تحقيق العدالة الاجتماعية لا يمكن للمقاومة ان تتعايش مع منظومة الفساد او تغطي عليها هنالك فرصة بعد 9 ايام من انتفاضة الشارع ان تنزل بقوة مع القوى الوطنية الحليفة من اجل قلب ميزان القوى الاجتماعي لفرض تغيير في البناء السياسي هذه فرصة تاريخية وسيرى الجميع اذا اخذت المقاومة قرارا سياسيا معلنا فان تحول جوهري سيطرأ على خارطة القوى الاجتماعية والسياسية وستسقط مراهنات الطرف الاول على حصار المقاومة في الساحات وفي حواصنها التي تاثرت اكثر من غيرها بسياسات ثلاتية النظام المصرفي وممثليه في النظام السياسي والطائفي.

بواسطة
حاتم استانبولي
اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى