لآخر المستجدات تابعنا على قناة تلغرام

تابعنا
أخبار محلية

القوى اليسارية والقومية تخرج من معركة الانتخابات النيابية خالية الوفاض

عند الحديث عن القوى القومية واليسارية، علينا التمييز بين القوميين واليساريين كأشخاص وبين الأحزاب القومية واليسارية كقوى. فالأولى تشمل طيفاً واسعاً من الأشخاص تبدأ بعلي أبو الراغب وعبدالكريم الدغمي، مروراً بممدوح العبادي وسمير الحباشنة وانتهاءً ببسام حدادين وخالد الكلالدة، بل إن البعض –هذه الأيام- أصبح يضع الليبراليين كمروان المعشر ومصطفى الحمارنة في خانة “اليسار”.


أما الأحزاب القومية واليسارية فهي مجموع الأحزاب القومية واليسارية وعددها ستة وتنضوي تحت ائتلاف الأحزاب القومية واليسارية، وتضم الشيوعي وحشد والوحدة والحركة القومية إضافة إلى البعث بشقيه الاشتراكي والتقدمي.
سنحاول هنا قراءة نتائج مشاركة الأحزاب القومية واليسارية دون التطرق للتيار القومي واليساري كونه –كما ذكرنا أعلاه- فضفاضاً ولا يسمح لنا بالقدرة على تحديد تخومه، مع ضرورة الإشارة إلى الخسارة المدوية التي تلقاها التجمع الديمقراطي بخسارة ثلاثة من أنشط أعضائه “برلمانياً” وهم جميل النمري ومصطفى الشنيكات وعدنان السواعير، بالإضافة إلى فقدان المبادرة الوطنية “مبادرها الأول” مصطفى الحمارنة و”رئيسها” سعد هايل السرور بخسارتهما لمقعديهما البرلمانيين.
تاريخياً، لم تسجل الأحزاب القومية واليسارية حضوراً لافتاً في الحياة البرلمانية منذ عام 1993 أي منذ إقرار الصوت الواحد، وبقي حضورها منحصراً بنجاح مرشح أو اثنين في كل دورة كحد أقصى مع الإشارة إلى مقاطعة بعض هذه الأحزاب للانتخابات لدورة 2010 ودورة 2013، والمشاركة الرمزية في انتخابات 2007.
مشاركة الأحزاب القومية واليسارية في هذه الانتخابات كانت محدودة رغم حجم التفاؤل الذي ساد أوساطهم في البداية. فاقتصرت المشاركة على تشكيل القائمة الوطنية في الزرقاء/ الدائرة الأولى، بمشاركة عضوين من حزب الوحدة الشعبية، ومشاركة عضو من حزب الوحدة الشعبية في قائمة السنبلة في إربد/ الدائرة الأولى، إضافة إلى مشاركة الأمين العام لحزب الشعب الديمقراطي “حشد”، فيما شارك عضو من حزب البعث التقدمي كمرشح عشيرته.
وجاءت نتائج انتخابات هذه الدورة استمراراً لعجز الأحزاب القومية واليسارية عن تحقيق اختراق حقيقي في لعبة الانتخابات. حيث لم تحصل هذه الأحزاب على أية مقاعد برلمانية، باستثناء عضو البعث التقدمي الذي كان قد شارك كمرشح إجماع العشيرة.
يرى الكاتب والباحث البرلماني وليد حسني في حديثه لـ نداء الوطن أن هذه الحالة هي استمرار طبيعي لحالة الضعف الكبير الذي تعانيه القوى اليسارية فلا يزال مستوى تأثيرها في الشارع الأردني أضعف من أن يمنحها قوة دفع جماهيرية توفر لها بيئة انتخابية حاضنة تسهل لها الوصول إلى السلطة التشريعية.
ووفقاً لحسني فإن حالة الضعف هذه حالة مزمنة ليست وليدة اليوم بل هي حالة متراكمة منذ عقود مضت، فضلاً عن كون جميع القوى اليسارية دون استثناء لم تقم بنفسها بتطوير خطابها التواصلي مع الجمهور، ولم تبتدع أساليب عمل جديدة بل ظلت أسيرة ماضيها وخطابها السلفي الكلاسيكي وهو الخطاب الذي فقد بريقه وتأثيره تماماً في الجمهور .
فيما يؤكد الرفيق فرج اطميزة أمين عام الحزب الشيوعي الأردني في حديثه لـ نداء الوطن، أن القوى الوطنية عامة واليسارية منها خاصة لم تستطع العمل على تشكيل قوائم وطنية، لعدة أسباب منها ما هو كامن في قانون الانتخاب الذي وفّر أجواء للعشائرية أكثر من الحزبية. ولعب دور المال السياسي في تقليص فرص الأحزاب السياسية.
ولفت اطميزة إلى وجوب الاعتراف بأن هناك خاصية بالقوى اليسارية حالت دون تشكيلها للقوائم، وعدم انخراطها في ممارسة مفهوم العمل الجبهوي والخروج بقوائم وطنية بعيدة عن التمترس التنظيمي الضيق لهذه القوى، سيما وأنها تتوافق كثيراً على البرامج السياسية المطروحة في هذه الانتخابات، فلم نسمع مثلاً أن القوى اليسارية لم تستطع إنجاز قائمة وطنية في منطقة ما، بسبب الاختلاف على برنامجها السياسي، بل على العكس، فإن التوافقات السياسية الكبيرة كانت موجودة ولكنها لم تستثمر بشكل جيد، ولهذه الأسباب كانت النتائج المؤسفة لقوى اليسار إضافة إلى تراكمات النظرة العرفية تجاه الأحزاب، والتخوف الأمني من الانخراط فيها.
الرفيق عمار هلسا عضو المكتب السياسي لحزب الوحدة الشعبية ومسؤول منطقة الجنوب في الحزب أرجع في تصريح لـ نداء الوطن أسباب هزيمة اليسار إلى أسباب موضوعية تتمثل في القانون الذي لم يساهم في تعزيز الحضور الحزبي، وموروث الصوت الواحد والمال السياسي الأسود.
كما لفت الرفيق هلسا إلى الأسباب الذاتية والمتمثلة في ضعف الحضور الجماهيري للأحزاب اليسارية، وافتقار بعض الأحزاب للوجوه الجماهيرية المؤهلة لخوض هذه التجربة. كما رأى الرفيق هلسا أن بعض الأحزاب حصرت رؤيتها في هدف الوصول إلى المقعد النيابي فقط متناسية أن المعركة الانتخابية هي معركة سياسية بامتياز بكافة جوانبها وتجلياتها وهذا دفعها أن تأخذ قرار الانكفاء حينما قرأت عدم أو ضعف إمكانية تحصيل المقعد.
كما لفت هلسا إلى أن بعض القوى اليسارية راهنت ومن منطلقات براغماتية مصلحية أن تحالفها مع أطراف أخرى خارج المحدد السياسي الفكري ربما يحقق لها طموحها في الوصول إلى المقعد النيابي، وللأسف هذا لم يتحقق.
وختم الرفيق عمار هلسا حديثه بالتأكيد على أن القوى القومية واليسارية مدعوة للوقوف أمام هذا الواقع الموضوعي وأمام الذات لوضع برامج وآليات الخروج من هذه الأزمة لأن اليسار كفكر وأيديولوجيا ليس مشروعاً لقوى اليسار بذاتها بل هو مشروع وطني تقدمي وضرورة تاريخية.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى