لآخر المستجدات تابعنا على قناة تلغرام

تابعنا
أخبار محلية

المديونية في الأردن: استسهال حكومي للاقتراض وفساد وإنفاق غير مدروس .. والمواطن من يدفع الثمن

“إن هذه الحكومة لم تزد على مديونية المملكة دينارا واحدا بل إنها خففت ما كان ستكون عليه المديونية لو لم تتخذ إجراءات لتصحيح وضع الاقتصاد.


إن نسبة المديونية التي تبلغ حاليا نحو 80 بالمئة من الناتج المحلي الاجمالي مخطط لها ان تكون في عام 2025 بحدود اقل من 50 بالمئة من الناتج المحلي الاجمالي “وهي نسبة آمنة ومن افضل الدول في العالم”.
الدكتور عبدالله النسور رئيس الوزراء السابق (12-5-2015)
لم يصمد حديث رئيس الوزراء السابق الدكتور عبدالله النسور كثيراً حول عدم قيام حكومته زيادة المديونية ديناراً واحداً. فالنسور الذي استلم رئاسة الحكومة لفترة امتدت من أواخر العام 2012 ولغاية منتصف العام 2016، قفزت حكوماته المتعاقبة بالمديونية في الأردن إلى أرقام قياسية. فارتفع الدين العام في عهد الرئيس النسور من 17 مليار دينار أردني تقريباً ليتجاوز ال26 مليار دينار في نهاية عهده. أي بزيادة في المديونية بلغت تسعة مليارات دينار أردني في ثلاثة سنوات ونصف السنة، وه الرقم الأضخم في تاريخ المملكة.

[quote font_size=”14″ bgcolor=”#ddba82″ align=”left”]الدين العام: هو حجم ديون الدولة للمقرضين خارج وداخل الدولة نفسها، ويمكن أن يكون هؤلاء المقرضين إما أفراد، أو شركات وحتى حكومات أخرى.
تقوم الحكومات بالاقتراض عن طريق إصدار الأوراق المالية، السندات الحكومية. فعادةً تقوم الدول ذات تصنيف ائتماني منخفض بالاقتراض من منظمات كبيرة مثل البنك الدولي أو المؤسسات المالية الدولية بمعدلات فائدة مرتفعة. بما أن عائدات الدولة هي عادةً من المقيمين في هذه الدولة، يعتبر الدين العام وسيلة غير مباشرة لدفع الضرائب. ويمكن تصنيف الدين العام على أنه الديون الداخلية أي الديون المستحقة للمقرضين داخل البلد والديون الخارجية وهي الديون المستحقة للبنوك الأجنبية. وعادةً ما يضم الدين العام جميع التزامات الحكومة بما فيها مدفوعات المعاشات التقاعدية ومدفوعات السلع والخدمات التي لم يتم دفعها من قبل الحكومة بعد.
يتم تحديد حجم الدين العام للدولة عن طريق حساب نسبة الدين العام بالنسبة المئوية من حجم الناتج المحلي للدولة.
وقد ارتفع الدين العام في الأردن من 10.65 مليار دينار عام 2009 ليصل إلى 26.24 دينار في نهاية عام 2016. وبنسبة زيادة تجاوزت ال145%.
الدين الخارجي: هو ذلك الجزء من الدين الكلي في البلاد التي هي المستحقة للدائنين خارج البلاد. يمكن للمدينين تكون الحكومة أو الشركات. ويتضمن الدين الخارجي الأموال المستحقة للمصارف التجارية الخاصة، وغيرها من الحكومات، أو المؤسسات المالية الدولية مثل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي.
وارتفع الدين الخارجي في الأردن بمعدلات كبيرة في الأعوام الأخيرة، من 3.87 مليار دينار عام 2009، ليصبح 10.1 مليار دينار عام 2016
الدين الداخلي: هو جزء من الديون الإجمالية في البلاد التي يدين لمقرضين داخل البلاد. والدين الداخلي هو مكمل الدين الخارجي. وهو دين الحكومة المركزية بالعملة المحلية بشقيه الحكومي والمكفول، وهذا الدين يعتبر احد اهم المؤشرات المالية التي تعطي دلالة على مدى مرونة الاقتصاد وسلامة تعاملاته وانشطته.
وارتفع الدين الداخلي في الأردن بنسب كبيرة في الأعوام الأخيرة. حيث ارتفع من 6.9 مليار دينار عام 2009 ، ليصل إلى 16.14 مليار دينار عام 2016.
الناتج المحلي الإجمالي: هو مؤشر اقتصادي يقيس القيمة النقدية لإجمالي السلع والخدمات التي أُنتجت داخل حدود منطقة جغرافية ما (بلد مثلا) خلال مدة زمنية محددة (سنة أو نصف سنة مثلا).
يقيس الناتج المحلي الإجمالي مجموع السلع والخدمات السوقية، أي الموجهة للبيع، بالإضافة إلى بعض المنتجات الخدمية غير السوقية التي توفرها الحكومات مجانا مثل التعليم والصحة والأمن والدفاع، والتي أُنتِجت داخل حدود منطقة جغرافية معينة خلال مدة زمنية محددة.[/quote]

لم تكد الحكومة الأردنية أن تنهي برنامج “الإصلاح الاقتصادي” مع صندوق النقد الدولي والذي استمر لثلاث سنوات (2012-2015)، واشتمل على رفع أسعار المحروقات وزيادة الضرائب والخدمات والرسوم إضافة إلى رفع أسعار الكهرباء والمياه. لم تكد حكومة النسور أن تنهي برنامجها هذا، لتقوم بتوقيع اتفاقية جديدة ولمدة ثلاث سنوات أخرى (2016-2018)، ولتأتي حكومة الملقي لتنفيذ هذه الاتفاقية كمهمة أساسية -وقد تكون الوحيدة- لهذه الحكومة. وليصبح المواطن مع موعد جديد لرفع الأسعار بدأته الحكومة قبل أيام برفع المحروقات، واعدة برفوعات قادمة متنوعة وتشمل سلعاً أساسية وخدمات.
وعلى الرغم من قيام الحكومات الأردنية وعلى مدى الخمس سنوات السابقة، بسلسلة إجراءات اقتصادية استهدفت المواطنين، إلا أن هذه الإجراءات لم تنعكس على حجم المديونية التي استمرت في الارتفاع محققة أرقاماً قياسية، ولتصل إلى 26.24 مليار دينار أردني متجاوزة عتبة الـ 95% من الناتج المحلي وفق تقرير وزارة المالية لشهر كانون أول 2016. وهو الأمر الذي خلق حالة من الغضب في الشارع الأردني، خاصة أن أرقام المديونية والعجز في الموازنة التي استمرت رغم كل هذه الإجراءات، أتت بالتزامن مع صدور تقرير ديوان المحاسبة الذي كشف حجم فساد إدلاراي ومالي في المؤسسات الحكومية بملايين الدنانير.
ويرى الدكتور محمد أبو حمور وزير المالية الأسبق أن الارتفاع في المديونية يعود إلى العديد من الظروف والاسباب الخارجية والداخلية. فقد شهدت المنطقة – ولا تزال تشهد- أحداثاً استثنائية خلال السنوات الخمس الاخيرة ، خاصة ما يرتبط بالربيع العربي وأثره على دول الجوار مما أدى إلى تداعيات سلبية على الاقتصاد الاردني مثل إغلاق الأسواق أمام الصادرات وتراجع السياحة وغيرها.

ويضيف أبو حمور والذي استلم منصب وزير المالية لأكثر من مرة كان آخرها في عهد حكومة البخيث الثانية عام 2011، يضيف أبو حمور أنه من التداعيات الهامة لـ “الربيع العربي” أيضاً انقطاع الغاز المصري الذي أثر بشكل كبير على كلفة إنتاج الكهرباء والتي انعكست كخسائر لشركة الكهرباء الوطنية وبالتالي تراكم مديونية كبيرة على الشركة.
ويكمل الدكتور أبو حمور في حديث خاص ل_نداء الوطن العوامل التي ساهمت في ارتفاع المديونية في الأردن –وفق رؤيته-، حيث يؤكد على أنه “لا بد أيضاً من الاشارة إلى انخفاض أسعار النفط والذي – وإن كان له بعض الآثار الإيجابية على تخفيض قيمة المستوردات وكلفة إنتاج الطاقة – إلا أنه لا بد من ملاحظة الأثر على المنح المقدمة من الدول العربية الشقيقة وكذلك تحويلات العاملين الاردنيين في تلك الدول.
كما أن هنالك –وفق الدكتور أبو حمور- عدد من العوامل والمتطلبات الداخلية التي ادت الى زيادة الانفاق العام مما ترتب عليه زيادة المديونية ومن أبرز تلك العوامل ارتفاع عوامل الخطر والتهديد التي كان لا بد من مواجهتها من خلال تعزيز المنظومة العسكرية والامنية للمملكة. كما ان الحكومة أقرت في عام 2012 هيكلة رواتب الموظفين مما أدى الى تحمل الخزينة العامة لأعباء اضافية ذات طبيعة دائمة ومتصاعدة.
وبدأ الكاتب والخبير الاقتصادي الأستاذ خالد الزبيدي حديثه معنا بالتأكيد على أن الدين المتفاقم ليس قدر الاردن وانما هو من صنع متخذي القرار في الاردن، وأن ديون الأردن التي تتجاوز الـ36 مليار دولار أمريكي، وتقترب من الناتج المحلي الإجمالي، حيث وصل الدين العام نسبة ال96% من الناتج المحلي الإجمالي، هذه الأرقام تفرض علينا السؤال الأهم: أين ذهبت أموال المديونية؟
واعتبر الزبيدي في حديثه لـ نداء الوطن أن هذا الحجم من المديونية ناتج عن “الإنفاق الحكومي الجاري” ، وليس في إنفاق راس مالي. فهنالك رزم من المشاريع الرأسمالية والبرامج التنموية تم إقرارها ولم تنفذ، ومن هذه المشاريع المخطط الهيكلي العام للسكك الحديدية، والقطار الخفيف بين عمان والزرقاء، وتطوير قطاع نقل الركاب العام، وتحويل الزراعة الى محرك رئيس من محركات النمو، إلا أن القطاع لم ينمو بل يعاني اليوم الأمرّين، والباص السريع تحول كقصة (ابريق زيت)، وأما العاصمة التي كانت أجمل عواصم المنطقة،غدت تدريجياً كراجاً للمركبات، وتوسعت الأعمال والأنشطة الملوثة للبيئة. وربما المشروع الوحيد المهم الذي أنجز بكلف “فلكية” جر مياه الديسى إلى العاصمة. أما توصيل المياه إلى محافظات الشمال فيحتاج لأكثر من عام على أقل تقدير.
ولفت الأستاذ الزبيدي أنه في ظل هذا الحجم من الاقتراض والمنح المقدمة للأردن إضافة إلى الإيرادات المحلية التي ارتفعت بشكل مستمر جراء فرض الضرائب والرسوم والغرامات وغير ذلك، في الخمس سنوات الأخيرة، والتي رافقها تحميل المواطنين بكل شرائحهم تكاليف إضافية وطالت الضرائب أبسط متطلبات العيش من سلع وخدمات بشكل مباشر وغير مباشر، وعمدت الحكومات الى إلغاء تدريجي للدعم بشكل عام، في ظل كل هذه الإيرادات من حق المراقب والمواطن العادي أن يطرح سؤالاً طبيعياً: أين أنفقنا كل هذه الأموال؟ وأين القيمة المضافة لها؟ فنسب الفقر في المملكة –يضيف الزبيدي- لا تزال بارتفاع، والبطالة سجلت خلال تلك الفترة مستويات عالية جدا بلغت 14.6% حسب أرقام رسمية.
الأستاذ فهمي الكتوت الخبير الاقتصادي يؤكد أن الأزمة المالية التي تعيشها البلاد هي ثمرة السياسات المالية والاقتصادية السائدة، والتي عمقت الاختلالات الهيكلية للاقتصاد الوطني، الذي نشأ مشوهاً، فقد أرسى الاستعمار البريطاني ومن بعده الإمبريالية الأميركية أسس وقواعد السـياسات العامة للدولة الأردنية وفق المصالح الاستعمارية، واعتماد نفقات الخزينة على المساعدات والقروض الأجنبية، لضمان استمرار سـياسة التبعية لأسباب جيوسياسية، وحرمان الأردن من استثمار موارده، إذ تؤكد سلطة المصادر الطبيعية أن الأردن بلد غني بثرواته الطبيعية نتيجة التنوع المتميز في جيولوجيته.
ويرى الأستاذ الكتوت في حديثه لـ نداء الوطن أن الحلف الطبقي الحاكم عمل في هذا السـياق على تعزيز دور الفئات والطبقات الاجتماعية التي ارتبطت مصالحها بالاستعمار، وهي من وكلاء الشـركات الأجنبية «البرجوازية التجارية»، إضافة إلى فئات من المتنفذين في أجهزة الدولة، الذين استغلوا مواقعهم لتحقيق أهداف غير مشـروعة، فحققوا ثراءً فاحشاً، وما رافق هذه السـياسات من استشـراء الفساد المالي والإداري والسـياسـي والتلاعب بالمال العام. وعلى الرغم من الآثار المؤلمة لهذه السياسات على الفئات الشعبية إلا أن الحكومة ما زالت ممعنة بسياساتها المدمرة. وقد جاءت هذه السياسات على حساب الفقراء والكادحين والشرائح الوسطى في المجتمع، بفرض الضـريبة العامة على المبيعات والضريبة الخاصة وأشكال مختلفة من الضرائب،في حين تراجع دور ضـريبة الدخل لتخفيض مساهمة كبار الرأسماليين في إيرادات الخزينة، كما تم خفض الإنفاق على الخدمات العامة.
ويسرد الأستاذ الكتوت مجموعة من الأمثلة على إجراءات وقرارات وسياسات حكومية أسهمت في زيادة المديونية وهي:
•زيادة الانفاق العام بتضخيم جهاز الدولة واستحداث الوحدات المستقلة البالغ عددها 57 مؤسسة والتي تنفق نحو 1782 مليون دينار سنويا، وان موظفي هذه المؤسسات لا يخضعون لقانون الخدمة المدنية، بل لأنظمة خاصة تمكن المتنفذين من توظيف أبناء الطبقة الحاكمة برواتب خيالية، منها على سبيل المثال سلطة منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة التي أنفق عليها المليارات بذريعة التنمية الاقتصادية وتعزيز الاقتصاد الوطني، لم تقدم للموازنة سوى 5 ملايين دينار.
•رواتب ومزايا رؤساء الوزرات والوزراء وبعض النواب والاعيان الحاليين والسابقين وكبار موظفي الدولة في مختلف المؤسسات التي لا تتناسب اطلاقا مع إمكانيات الدولة. إضافة إلى التوسع في الإنفاق الحكومي غير الضروري وتوزيع الهبات والإنفاق على الرحلات والسفرات وعلاجات كبار المسؤولين وأسرهم على حساب الدولة في الخارج.
•إنفاق الأموال المخصصة للنفقات الرأسمالية في غير مكانها، باستملاك الأراضي والانشاءات والمباني، والتي تقدر بنحو 600 مليون دينار سنويا، بدلا من استثمارها بمشاريع مولدة للدخل، إضافة الى تحميل الخزينة 119 مليون دينار خسائر الملكية الأردنية.
•ما ورد في تقرير ديوان المحاسبة عن وجود 4.150 مليار دينار ذمم مستحقة لصالح خزينة الدولة في نهاية العام 2014، تخص كلا من الخزينة وامانة عمان الكبرى والوحدات الحكومية المستقلة والبلديات. كما كشف التقرير عن وجود 2.1 مليار دينار ذمم مستحقة للدولة.
وختم الأستاذ فهمي الكتوت حديثه بالإشارة إلى أن المديونية أضحت تشكل عبئاً سياسيا واقتصادياً على الدولة الأردنية، فقد ارتفع الدين العام إلى 26.247 مليار دينار في عام 2016 إضافة الى نحو مليار دينار قروض وردت في الموازنة تحت عنوان تسديد التزامات سابقة وهي عبارة عن نفقات إضافية غير واردة في الموازنة التقديرية ليرتفع الدين العام الى 27.247 مليار دينار وبمعدل 2.5 مليار دينار سنويا.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى