لآخر المستجدات تابعنا على قناة تلغرام

تابعنا
الأخباربورتريه

شهيدة معركة الأمعاء الخاوية: هيلين بوليك

ألقي القبض عليها لأول مرة خلال عملية للشرطة في مركز إيدل الثقافي في إسطنبول في نوفمبر 2016
عندما تم اعتقالها مع سبعة أعضاء آخرين في المجموعة بتهمة «مقاومة الشرطة والإهانة وكونها عضوًا في منظمة إرهابية».


أعلن الموسيقيون بهار كورت وباريش يوكسل وعلي أراسي أنهم بدأوا إضرابًا عن الطعام «إلى أجل غير مسمى ولا رجعة فيه» في 17 مايو 2019 لإنهاء الضغوط من الدولة وحظر الحفلات الموسيقية والغارات على المراكز الثقافية.
انضمت بوليك إلى الإضراب عن الطعام في يونيو 2019. وأفرج عنها في نوفمبر 2019 لكنها استمرت في الإضراب. وفي 11 مارس 2020، تم نقل إبراهيم جوكجيك وهيلين بوليك إلى مستشفى عمرانية الحكومي بسيارة إسعاف وأُدخلا إلى غرفة الطوارئ، حيث تم الإعلان عن أنهما لم يقبلا التدخل أو العلاج.
في الثالث من نيسان (أبريل) انطفأت الشابة هيلين بوليك في منزلها في اسطنبول بعد 288 يوماً من الإضراب عن الطعام، احتجاجاً على الرقابة التي تتعرّض لها فرقة
Grup Yorum التي تقدّم أغنيات شعبية تركية. الفرقة الثورية التي أسّستها مجموعة طلاب عام 1985 في اسطنبول، جاءت كرد فعل على الانقلاب العسكري عام 1980. بعد سنوات، انضمت إليها بوليك كمغنية رئيسية. عرفت الفرقة مختلف أشكال الاضطهاد من النظام واتّهامات بالعمل مع التنظيمات اليسارية الراديكالية، وسجنت بوليك مراراً بتهم مختلفة قبل أن تبدأ بالإضراب عن الطعام احتجاجاً على الرقابة وعلى اعتقال زملائها الموسيقيين الموقوفين، وتنطفئ بصمت قبل أيام.
قبل أيام، وفي خضم استمرار تخبّط العالم، وانشغاله بتعداد أرقام مأساته المتفاقمة، سجّلت المناضلة التركية، والفنانة الأممية، هيلين بوليك، رقماً من أرقام التوق الإنساني المعانق للحرية: 288 يوماً من المقاومة المدوية وتحدّي الجوع قبل أن تُستشهد.
الفنانة اليسارية الملتزمة، قولاً وفعلاً، أرادت ونجحت في أن تسطّر صفحة ثورية مجيدة. صفحة غنية بالدروس النظرية والعِبر العملية عن شكل ومعنى البطولة التي تسترخص الحياة لا حبّاً بالحياة وحسب بل وأيضاً في سبيل صنعها كأرقى وأجمل ما يكون.
جيلاً بعد جيل، ومقاوماً بعد آخر، يواصل المناضلون ومقاتلو الحريّة الحقيقيون رسم مشهد العالم البديل، من خلال مواصلة حمل الشعلة التي تستعر برغم الأنواء وعصف الرياح والأعاصير. فالحلم بالعدالة والعمل على تحقيقها بالنضال الثوري الصميم وبشتى السبل المتصلة هو الحلم الوحيد الذي يستحق البذل والإصرار الذي أظهرته المناضلة الشجاعة التي قضت ولم تتجاوز الثامنة والعشرين من عمرها.
ها هي بوليك، ومن خلال دلالات ورمزية فعلها الشجاع تؤكّد صحّة وصوابية الطريق الذي سلكه من سبقها من الرفاق، بل هي أكّدت في ممارستها فعل المقاومة والرفض وتحدّي السجّان على بنوتها الصميمية والحقيقية لرفيقها شاعر الحريّة ناظم حكمت ولباقي رفاقه الأتراك وغير الأتراك من «الحالمين»، فكراً وممارسة، بواقع أقل جوراً وامتهاناً وتسلّطاً. صحيح أنه الطريق الأطول والأصعب، لكنه، وبحسب التجارب والدروس، أضمنها للوصول، إذ لا وجود لطريق آخر إذا ما أردنا إعلاء شأن الإنسان وصون حقّه الطبيعي والبديهي بالحياة الحرة والكريمة.
استشهاد المغنية اليسارية هيلين بوليك إضافة من إضافات الفعل الثوري والمقاوم الذي يعانق الأفعال المماثلة والمكملة في غير بقعة من البقاع التي تواجه «القدر» الإمبريالي الذي يريد للعالم أن يستسلم، هنا في فلسطين أو في غيرها من بلاد العرب والعالم.مقاومة بوليك ومن ثم استشهادها كشف ويكشف الفارق الهائل بين يسار الجملة الثورية ويسار الفعل الثوري.
الارتقاء بالحرية هو الارتقاء الأسمى الذي لا يضاهيه ارتقاء وهو عين ما سعت إليه وحقّقته رفيقتنا المناضلة هيلين بوليك. لقد تحدّت السجّان التركي ومن خلفه عرّابوه الكثر. وكما فيديريكو غارسيا لوركا، الشاعر الإسباني، الذي توقّع موته واختفاء جثته من غير أن يبالي، فقد أقدمت هيلين واختارت الموت في سبيل الحياة.
“السفّاح التركي” الذي قامر بالدماء التركية والعربية في عام 1915 يواصل أوهام الاستعادة الكاريكاتورية والهزلية لمجد أجداده العثمانيين الإشكالي… وفي الغضون يتابع المناضل والفنان إبراهيم جوكشك رفيق هيلين ورفيقنا إضرابه عن الطعام في معركة الحريّة التي لا بد من انتصارها وهو ما لن يتأخر.
المصادر:وكالات انباء/ نجيب نصر الله

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى