لآخر المستجدات تابعنا على قناة تلغرام

تابعنا
مقالات

عن التوطين، والوطن البديل…

مسؤولون كبار من الذين وقعوا على معاهدة وادي عربة، أو مكلفين بتنفيذ بنودها، ينكرون أو يتجاهلون هذا البند الارتكازي في المعاهدة، ويصل تضليلهم إلى إطلاق تعهدات، تصل إلى رفض الالتزام بما تم الاتفاق عليه!!

أو تعالوا لنقرأ بروية، ماذا عن توطين الفلسطينيين في الأردن، كما ورد في معاهدة وادي عربه!؟

التوطين هو أساس البند (٨) من معاهدة “السلام الأردنية الإسرائيلية” والذي يطرح ملف اللاجئين والنازحين باعتباره قضية إنسانية وليس له صلة بحق العودة، و”أن الطرفين الإسرائيلي والأردني، يسعيان إلي تحقيق مزيد من تخفيف حدة المشاكل الناتجة عن اللاجئين”، وليس اللجوء نفسه كأصل للمشكلة وأساسها. 
في الففرة الفقرة (٤) تتحدث المعاهدة عن حل مشكلة اللاجئين:
“من خلال تطبيق برامج الأمم المتحدة المتفق عليها وغيرها من البرامج الاقتصادية الدولية المتعلقة باللاجئين والنازحين، بما في ذلك المساعدة على توطينهم”. انتهي الاقتباس.

هذا الموقف بالذات، عكس جوهر الموقف الإسرائيلي، ووافق عليه الطرف الأردني بخفة وسوء نية، ولم يمانع من “التوطين” حسب بنود المعاهدة.
مسؤولون كبار من الذين وقعوا على المعاهدة، أو مكلفين بتنفيذ بنودها، ينكرون أو يتجاهلون حتى اليوم، هذا البند الارتكازي في المعاهدة، ويصل تضليلهم إلى إطلاق تعهدات في عدة مناسبات، تصل إلى رفض ما تم الاتفاق عليه، مثل؛
– كلا للتوطين 
– كلا للوطن البديل 
-كلا للتنازل عن الإشراف على المقدسات في القدس.
بينما نصوص المعاهدة قد أقرت موقفا متهافتا حول القدس، كما تم تثبيت التوطين في المعاهدة الإلزامية، مع إعطاء دور للأمم المتحدة في تسهيل هذا التوطين!!
ولكن السؤال البديهي هنا؛
لماذا فرض الجانب الصهيوني توطين اللاجئين في الأردن، على بنود الإتفاقية!؟

أليس أغلبية اللاجئين الفلسطينيين في الأردن قد تم توطينهم فعلا منذ مطلع خمسينات القرن الماضي، واعتبروا مواطنين عاديين بحقوق وواجبات متساوية مع الجميع!؟

ولكن لماذا أصر ممثلو الكيان الصهيوني على فرض هذا البند على المفاوض الأردني، رغم أن الوقائع على الأرض لم تكن تستوجب تثبيت مثل هذا البند المفتعل!؟
في واقع الأمر فإن اقحام هذا البند في المعاهدة، أراد منه الجانب الصهيوني، فرض شراكة القرار “الإسرائيلي” على الدولة الأردنية في مسألة التوطين حاضراً ومستقبلاً، وأن الأردن لم يعد يمتلك لوحده، السيادة في هذا القرار، أو العودة عنه!!

ولكن أيضا؛ وبشكل جوهري، هدفت “إسرائيل”، من الإصرار على ذلك، ((شطب حق العودة للفلسطينيين إلى وطنهم فلسطين، والقفز عن كل القرارات الدولية بهذا الشأن، وفك أي صلة تربط قضية اللاجئين بقرارات الشرعية الدولية والمؤسسات الدولية الداعمة، وان تتحول قضية اللجوء، إلى ملف إنساني على طاولة المفاوضات المتعددة الأطراف. وقضية النازحين إلى اللجنة الرباعية المشكلة من “إسرائيل” والأردن ومصر وسلطة الحكم الذاتي الفلسطيني!! 
وبالتالي، تجزئة القضية الفلسطينية، وإبعادها عن المنظمة الدولية، ومصادرة أي حق للشعب الفلسطيني في تقرير مصيرة، فوق ترابه الوطني!!
بند التوطين بالذات يريد من خلاله كيان الاحتلال، التخلص من مسؤوليته في كارثة الشعب الفلسطيني بالتهجير والاستعمار، (لا عودة ولا تعويض)، وتحميل تبعات الإستعمار اليهودي الصهيوني الاستيطاني الاقتلاعي، إلى العرب والمنظمات الإنسانية الدولية. وفتح المجال أمام الترانسفير المستقبلي، وفوق ذلك، سرقة الأرض الأردنية بترجمة ما يعنيه مصطلح “الوطن البديل”، ومن ناحية أخرى قوننة احتلال الكيان للأرض الفلسطينية، وشرعنة موجات الهجرة اليهودية إلى فلسطين.

هذا البند من المعاهدة، يعتبر من بين الأكثر خطورة، وأول وثيقة علنية، تقر فيها الحكومة الأردنية، بخضوع قرارها السياسي السيادي، إلى الهيمنة والعربدة الصهيونية، وإعفاء دولة الاحتلال، من مسؤولياتها السياسية والأخلاقية والقانونية من طرد وتهجير الفلسطينيين والاستيلاء على أرضهم، وحاضرهم ومستقبلهم، 
ومما يزيد من خطر هذه المعاهدة بالمجمل، واستهدافاتها التصفوية للقضية الفلسطينية، وانعكاساتها السلبية على الكيان والدولة الأردنية بــ؛

* تراجعها عن مرجعية مدريد، وقرارات الأمم المتحدة، والشرعية الدولية، في الشأن الفلسطيني.
* لم تأتي المعاهدة بالمطلق على ذكر حقيقة اغتصاب الأرض الفلسطينية، وطرد شعبها!
* لم يشترط الجانب الأردني رفض التوطين، وانصاع للإملاءات الصهيونية!
* لم يشترط الجانب الأردني إيقاف الترحيل والتهجير الفلسطيني، والتهديدات بالترانسفير.
* وافق الجانب الأردني على إغفال ذكر أي حق للشعب الفلسطيني بالعودة وتقرير المصير والإقامة على أرضه.

من واجب مؤسسات المجتمع المدني أن تعيد قراءة هذه المعاهدة ومراقبة تبعاتها على الأردن وفلسطين، واستدراك الخطر الماحق على الكيان الأردني وفلسطين، ومن واجب كل مؤسسات الدولة الأردنية التشريعية والتنفيذية والقضائية إدراك حجم الجريمة المرتكبة بتوقيع هذه المعاهدة، وضرورة العمل لإلغائها والتخلص منها،
ومن النفاق والتدليس أن نعلن قرارنا بالتصدي لصفقة القرن، دون التصدي لمعاهدة الشؤم والخراب في وادي عربة!!

بواسطة
د. موسى العزب
اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى