لآخر المستجدات تابعنا على قناة تلغرام

تابعنا
أخبار محلية

في مقابلة مع الدكتور سعيد ذياب أمين عام حزب الوحدة الشعبية في ذكرى تأسيس الحزب

تستضيف نداء الوطن في هذا العدد الرفيق الدكتور سعيد ذياب أمين عام حزب الوحدة الشعبية، وذلك بمناسبة الذكرى السابعة والعشرين لتأسيس الحزب، وحديث حول معاني هذه الذكرى، وتقييم أداء الحزب في المرحلة السابقة، وآمال وطموحات الحزب للمرحلة القادمة. إضافة إلى قراءة في الواقع المحلي والعربي والدولي.

نداء الوطن: تعرض الحزب في الآونة الأخيرة لهجمة حكومية منظمة عملت على تشويه صورة الحزب امام الرأي العام الأردني، وتم استخدام منصات التواصل الإجتماعي من قبل الجهات الحكومية في هذه الهجمة. كيف تقرأ الرسالة من هذه الهجمة الحكومية؟

ثلاثة عوامل كانت سبب استهداف الحزب

د.سعيد ذياب: نحن كحزب توقفنا أمام هذه المسألة، في عموم هيئات الحزب: المكتب السياسي واللجنة المركزية، وكانت قراءتنا أنه من الخطأ عزل ما تعرض له الحزب في الفترة الماضية من استهداف، عن التراجع في مستوى الحريات العامة التي عاشته الوطن منذ أكثر من عام. فهذا هو سعي الحكومة والدولة العميقة للإمساك وإحكام القبضة الأمنية على البلاد.

والعامل الآخر باعتقادي أن السياسة العامة التي تسيطر على المنطقة بشكل عام والتي تتمثل بالهرولة نحو التطبيع مع العدو الصهيوني، والسعي بشكل أو بآخر لتصفية القضية الفلسطينية، دفعت أطراف من الحكومة الأردنية لموقف يتمثل بتشويه وتجريم المقاومة من ناحية، وتشويه الرموز الوطنية والقومية من ناحية ثانية، وهذا ما تبدا لنا في قرار الحكومة بمنع اقامة مهرجان في الذكرة (16) لاستشهاد القائد أبو علي ممصطفى، وتحريضهم واستهدافهم للحزب عبر وسائل التواصل الاجتماعي.

لكن هنالك عامل ثالث يتمثل بدور الحزب. حضور الحزب والحالة الكفاحية التي جسدها عموم العضوية الحزبية واستعدادهم الكامل للدفاع عن قضايا الكادحين في الأردن، هذا الحضور وهذا العامل والعوامل الأخرى شكلت بمجموعها عنصر لممارسة الضغط على الحزب من أجل تهبيط سقف الحزب السياسي من ناحية، ومن ناحية ثانية ضبط إيقاع حركة الحزب وإبقاؤه كما يقولون “تحت السيطرة” لتكون رؤيته متسقة مع الرؤية الحكومية.

ضمن هذا الفهم نحن كحزب لم نقبل بهذا الموقف واستندنا الى الحق الذي كفله الدستور بالتمسك بحقنا وحق جميع الناس بالتعبير عن رأيها وبشكل ديمقراطي وبما يخدم قضايا الشعب الأردني.

نداء الوطن: كيف تجد ردة الفعل الشعبية والوطنية على هذا الاستهداف للحزب؟ وهل استطاع الحزب أن يواجهها ويتجاوز هذه الأزمة؟

د. سعيد ذياب:  نحن -كما ذكرت قبل قليل- انطلقنا كحزب من أن عملية الاستهداف لا تقتصر على الحزب فقط، لذلك آثرنا أن نتصدى لهذه السياسة من خلال ائتلاف الأحزاب القومية واليسارية من ناحية، وبالتالي حولنا القضية التي عاشها الحزب من قضية خاصة بالحزب إلى قضية عامة تستأثر باهتمام القوى القومية واليسارية وعموم الفعاليات الوطنية. ولعل الملتقى التي أقدم على إقامته ائتلاف الأحزاب القومية واليسارية، وحجم المشاركة الواسعة من المؤسسات الوطنية والتعبير الذي جسدته تلك الفعاليات في ذلك الملتقى، يؤكد مسألتين: أولاً حجم الالتفاف من تلك القوى حول قضية الدفاع عن الديمقارطية من ناحية ووعيها بأن الدفاع عن الحزب، وما تعرض له الحزب يمكن أن يتعرض له أي قوى أخرى. ثانياً: نشعر في الحزب بارتياح شديد أننا أدرنا ما تعرض له الحزب بوعي وثبات وهذه مسألة هامة نسجلها في هذا السياق.

بنية الاقتصاد الأردني الخدماتي وتضخم القطاع البيروقراطي

نداء الوطن: نتحول إلى الشأن الاقتصادي، نحن الآن أمام مشروع قانون الموازنة، ولا تزال الحكومة تتعاطى مع الملف الاقتصادي من على قاعدة “جيب المواطن هو الحل” والامتثال الكامل والانصياع لصندوق النقد الدولي، برأيك لماذا تصر الحكومة على هذا النهج الاقتصادي؟ هل هو تبعية أم رؤية خاطئة؟؟

د. سعيد ذياب: لا، أنا اعتقد ما تعيشه البلاد من أزمة اقتصادية ليس مرده خطأ ذو طابع إداري أو فني لهذه الحكومة أو تلك. هذه الأزمة تعكس مسألة مرتبطة في بنية الاقتصاد الأردني، بنية بنيت على الاقتصاد الخدماتي اقتصاد نشأ وتنامى على أنه تابع يقوم على المساعدات والهبات وتسهيل عملية القروض.

هذا البناء الاقتصادي الأردني الذي سار عليه هو الذي جعل الأردن بلداً تابعاً سواء أكان سياسياً أو اقتصادياً. أطلقت هذه التبعية للمؤسسات الدولية أياديها كلمة في أن تشترط وتضع طلباتها وشروطها من أجل خدمة مصالحها كمصالح رأسمالية دون أن تعبأ بمصالح الفئات الشعبية الفقيرة في الأردن.

لذلك لو دققنا في الحلول التي توضع من قبل الحكومة وهي حلول جاءت كنتاج طلبات صندوق النقد الدولي، نجد أنها حلول فقط تستهدف جباية المال فقط، وذلك من خلال فرض الضرائب لتحقق ما يريد الصندوق من جهة ولكن في الوقت نفسه دون أي ذرة من التفكير بمصلحة الناس.

هنا عملية التناقض الذي تعيشه هذه الحكومة والحكومات التي سبقتها. هذا التكيف هو ليس وليد اللحظة. فمنذ بداية التسيعنيات من القرن الماضي استمر الأردن يدخل من برنامج إلى برنامج ولا زلنا نسير بهذا الاتجاه. ومع هذا كل يوم تتعمق الأزمة لدينا: العجز مستمر والمديونية تتصاعد دون أن نصل إلى حلول جديدة.

كما نلاحظ عدم مصداقية الحكومة وعدم قدرتها على الحديث الواضح والصريح، فعندما تتحدث الحكومة عن الاعتماد على الذات. هذا الشعار التي رفعته مؤخراً هو بصراحة يتجلى فيها عدم مصداقيتها من ناحية وعدم رغبتها في ذلك، لماذا؟؟ لأن الخطوات الأولى للاعتماد على الذات هو معالجة مشكلة اقتصادية وفي المقدمة منها محاربة الفساد لأن الفساد يشكل نسبة كبيرة جداً من بنية الدولة وبالتالي عندما نتحدث عن محارية الفساد يعني تحقيق وحماية مداخيل البلد بدرجة كبيرة، بحيث تحمينا من وجوب أو ضرورة رفع الدعم عن بعض السلع.

الحكومة لا تفكر ببدائل أخرى وأهمها نقطتين: أن تخفف إنفاقها وهذه مسألة هامة جداً بالاقتصاد. والمسألة الأخرى تتمثل بالبحث عن مداخيل مرتبطة بالقوى المقتدرة، بمنعى أن تعيد النظر في الضريبة المعتمدة على الفئات المالكة لوسائل الانتاج، وهذا نص موجود في الدستور. باعتقادي نحن نسير في الأزمة من واقع إلى واقع أشد ظلمة وأكثر صعوبة.

نستطيع أن نقول أنه منذ نشأة الأردن كان حجم إنفاق الاستعمار البريطاني على الأردن في الجزء الأعظم منه هو في النفقات الجارية، فيما جزء يسير جداً لتطوير بعض الضئيل جدا للبنية التحتية. هذه السياسة أهملت حتى الزراعة أو أي قطاع انتاجي، بمعنى أن سعي الدولة الاستعمارية التي كانت تحتل الأردن أن تبقي الأردن اقتصاداً تابعاً. كما أن هذا الاستعمار عمق أزمة الاقتصاد الأردني عندما فرضت عليه أن يبني قطاعاً بيروقراطياً مدنياً وعسكرياً أكبر بكثير من احتياجاته الأمر الذي فاقم من عملية تبعيته واحتاجاته.

نداء الوطن: في ظل هذه الأزمة الاقتصادية الخانقة وفي ظل التوجه نحو رفع أسعار الخبز وفي ظل رفع الرسوم والأسعار خلال السنوات الأخيرة خصوصاً في آخر سنة في عهد حكومة عبدالله النسور والسنة التي في عهد هاني الملقي، برأيك ما الذي ينتظره المواطن حتى يخرج إلى الشارع، ويعبر عن رفضه لقرارات الحكومة؟ أين الخلل، هل هو في المعارضة وبرنامجها وقدرتها على التواصل مع الناس، أم في القبضة الأمنية أم في تكريس العقلية السلبية على مدى السنوات الطويلة؟

د. سعيد ذياب: مجمل السياسة الاقتصادية وانعكاسها على ظروف المواطن الأردني وما ينوء به من ضغوط، دفعت هذا المواطن للانشداد نحو البحث عن لقمة عيشه، هذا الانشداد للبحث عن لقمة عيشه في ظل قبضة أمنية وما تستتبعه هذه القبضة من نوع من الاستبداد والقهر. هذه الصورة هي التي ولدت لدى المواطن حتى حالة من الابتعاد عن مواجهة الجهة المسببة لاقتصاده الواقعي الصعب والبحث عن مخارج وأسباب غيبية.

كما أن الحكم لعب دوراً كبيراً جداً في هذا السياق من خلال مسألتين: القبضة الأمنية من ناحية وسعي وتشويه وعي المواطن، وحرف اتجاهاته الطبيعية، ثم ضرب كل ما يمكن أن نسميه مؤسسات مجتمع مدني. والهدف من ضربها من خلال تغلغله فيها هو كما قلنا لتخدم عملية التشويه ليتكامل تشويه المؤسسات مع تشويه الوعي للناس العاديين. وبالتالي يصبح المواطن يببحث عن مخارج بعيداً عن الواقع المباشر.

ولكن علينا أيضاً أن لا نهمل أن القوى السياسية تتحمل بهذا القدر أو ذاك مسؤولية في القبول بهذا الواقع من خلال ضعف دورها وضعف محدودية قدرتها في تحريك الناس وبالتالي تجد نفسها وسط حراك نخبوي غير فاعل غير مؤثر في التوجهات الحكومية.

هذه الصورة العامة هي التي تفسر تمادي الحكومة من ناحية والصمت الشعبي من ناحية أخرى. أي أن هذا الصمت ليس وليد سنة ولا سنتين، بل هو نتاج نهج وسياسية حكومية بدأتها الحكومة مبكراً في خلق هذا الواقع.

بتصوري أن الدولة نجحت كذلك في فترة الحراك والذي جرى بما يسمى بالربيع العربي، بأن تلعب في تعميق العودة المجتمعية إلى ما قبل الدولة، وهذه التي تتمثل بتعزيز الطائفية والإقليمية والانتماءات تحت الوطنية. وتوجه الدولة بعد ذلك بربط هذه المجموعات بحيث تتمكن الدوولة العميقة وأجهزتها من إحكام سيطرتها على الحركة والفعل. لهذا أعتقد أن هذا ما يفسر جزء من أسباب غياب حركة الشارع الأردني. لاحظ مثلاً هبة تشرين كانت حركة واسعة وشاملة لأنها كانت في تلك الفترة نوع من الانطلاقة الشعبية، والسعي الحكومي أو الدولة العميقة إلى ما قبل الدولة لم  يكن مكتملاً. هذا أحد الاسباب، يعني هذا السبات الذي نشهده هو مرتبط بذلك النجاح الحكومي بالإضافة إلى عوامل أخرى. أي أن الدولة العميقة تلعب أحياناً على وتر الجوانب الإقليمية دون أن نغفل هذا الموضوع بحيث تضرب تقوم الدولة العميقة بضرب وحدة القوى الشعبية الديمقراطية.

صفقة القرن والرهان على الشارع الفلسطيني

نداء  الوطن: ننتقل إلى الشأن الفلسطيني والعربي، تتعرض القضية الفلسطينة إلى تحولات جادة وجدية هي الأخطر في تاريخ القضية الفلسطينية، وتصفية هذه القضية التي قد تكون الأكبر في تاريخ الثورة الفلسطينية، ما هي مقومات نجاح وفشل هذا المخطط وهل سيكون للانتصارت في حلف سوريا والعراق وانعكاساتها القدرة على منع تمرير هذه الصفقة؟

د. سعيد ذياب: أتصور بأن الحديث عن صفقة القرن من الخطأ الكبير عزله عن طبيعة المشروع الصهيوني الذي انطلق مبكراً في المنطقة المتمثل بتفتيت الدولة الوطنية وإعادة رسم الجغرافيا السياسية للمنطقة العربية. ومن ناحية أخرى تصفية القضية الفلسطينية.

مجيء ترامب جاء في أوج الصراعات المحتدمة داخل الأقطار العربية والصراعات الداخلية التي تجري بالمنطقة. فقدم ترامب هذا المشروع.

يوجد هناك عناصر تساعد في تنفيذ هذا المشروع، هناك الأنظمة الرجعية العربية وفي مقدمتها دول الخليج بقيادة السعودية تجسد هذا التناغم مع الموقف الأمريكي من خلال الهرولة إلى التطبيع مع العدول الصهيوني.

ثانياً التحالف الخليجي الأمريكي الإسرائيلي لمواجهة إيران. هذا لم يحدث بالسابق وبالتالي يمكن اعتباره مستجد وواضح. هذه العلاقة أصبحت زواجاً مسموحاً ومشرعاً في العلاقة الخليجية الاسرائيلية والأمريكية.

هذه المرحلة الجديدة تعتبر عنصر مساعد للمشروع، لكن لنكن صريحين الطريق ليس معبداً لهذا المشروع الصهيوني كذلك، وليست سهلة السير في هذا الطريق. أعتقد بأن النجاحات التي حققها الجيش العربي السوري على أرض الواقع ونجاحات العراق في ضرب داعش كذلك. ونجاحات حزب الله في ضرب داعش في لبنان، وما يمكن بأن نسميه بشكل العام النجاحات التي شكلها محور المقاومة تشكل عقبة حقيقية أمام هذا المشروع. لكن أنا اعتقد أن المسؤولية الأولى تقع على عاتق الشعب الفلسطيني الذي يجب أن يتصدى لمحاولات تصفية قضيته.

وبدون شك أن ما أبدته السلطة الفلسطينية عبر ربع قرن من الحوارات ومسلسل التنازلات خلقت الفرصة للطرف المعادي الاندفاع أكثر للمزيد من التنازلات.

لكن المطلوب وحدة القوى الفلسطينية لمواجهة هذا الخطر. هنالك صعوبة حقيقية ولكن من الممكن أن تتحقق. ولكن إذا لم تتحقق على صعيد كافة القوى الوطنية الفلسطينية والفصائل الفلسطينية، فهناك إمكانية للجزء الأعظم من الفصائل التي تزال تتمسك بمبدأ المقاومة أن تتوحد. إذاً هنالك فرصة لتتكاتف وتتعاطف لخلق إطار شعبي واسع يعطل ويفشل هذه المسيرة. كل شيء ممكن يعني نحن نستذكر هبة الأقصى، كيف خرجت الناس تدافع عن الأقصى، ونجحت الحقيقة بأن تفرض إرادتها على العدو الصهيوني بتصوري أن الإمكانية واردة والشعب الفلسطيني إذا ما استنهض في عموم تواجده فإنه قادر على مواجهة هذا المشروع.

لماذا ضرورة المواجهة؟ لا بد من أن نعود ونتحدث بشكل واضح عن مشروع “صفقة القرن” المطروح، الذي يستهدف القدس وحق العودة والدولة الفلسطينية الوطنية المستقلة، وبالتالي هو عملياً تصفية بكل ما تعنيه كلمة تصفية لأنه يقوض أركان المشروع الوطني الفلسطيني. بتصوري طبيعة هذا المشروع سوف يوفر الأرضية الموضوعية لتحرك شعبي واسع.

كما أنه في مقابل الحالة من التطبيع غير المسبوقة، يطرأ في المقابل حالة من النمو في الجانب الآخر ونهج المقاومة باعتقادي ستتداخل لافشال هذه المشروع.

في ذكرى الثورة البلشفية: من أجل إنجاز الثورة الوطنية الديمقراطية

نداء الوطن: نحتفل في هذه الايام بمرور مائة عام على الثورة البلشفية التي أدت إلى قيام أول دولة اشتراكية علمية. بعيداً عن التغني في الثورة، هل قدم المفكرون الماركسيون العرب رؤية ماركسية تتوافق والواقع العربي بعيداً عن المصطلحات الجاهزة والمقولبة؟

د. سعيد ذياب: الحركة اليسارية العربية كما كل القوى اليسارية على المستوى العالمي، حاولت أن تفهم طبيعة هذا الحدث الكبير أو الزلزال الذي قاد إلى انهيار التجربة الاشتراكية المحققة، وبذلت جهود كبيرة في هذا الاتجاه. ولكن دعنا ننظر من جانب ما هو المطلوب من عملية التحديث؟ وكيف ننظر لهذه الثورة البلشفية وماذا فعلت؟ ليس من باب التغني بقدر يجب أن ننطلق حدث مميز وفريد ليس فقط في تاريخ روسيا، بل هو على المستوى العالمي، شقت طريقاً جاءت لتقدم دليل امكانية أولاً أن الطبقة العاملة قادرة على استلام السلطة، كانت هذه الثورة الدليل على أن القوى الثورية قادرة أن تحدث نقلة نوعية لبلد شبه اقطاعي إلى بلد صناعي بلد منتج، تسيطر عليه كل مكونات بد علماني. هذا الانجاز قدم لحركات التحرر درس كبيراً، من ناحية كيف يمكن لها أن تتعامل مع واقعها.

ولكن الدرس الذي نريد أن نشير إليه عنوانه أن على الشيوعيين واليسار الماركسي، أن يدرك أن مسؤوليته تتمثل بتقدم الصفوف، من أجل بناء المجتمعات المنتجة المصنعة المتحررة من التبعية، وعدم الركون للبرجوازية لتقوم بدور التصنيع وثورتها. لأن التجربة دللت والواقع يقول بأن الرأسمالية رغم التغني المتكرر والدائم بالديمقراطية، لا تقبل لدول الاطراف كما يقولون أن تبني مجتمعاتها، لأنها تريد أن تبقي حالة التبعية والاقتصاد التابع لهذا المركز.

هذا هو الدرس الأكبر، على قوى اليسار أن تأخذ على عاتقها في منطقتنا العربية إحداث وقيادة الحركة الشعبية العربية لإنجاز الثورة الوطنية الديمقراطية وعدم الركون إلى القوى الطبقية الأخرى.

هذا هو الدرس الأبرز والذي أدركته القوى العربية في هذا الموضوع. وبلا شك بأن الفشل أو الانهيار للتجربة السوفييتية خلق حالة من الحراك الفكري في المنطقة العربية.

فنحن نقول فشل التجربة خلق حراكاً وتساؤلات عن أسباب فشل القوى وحركة اليسار العربي بشكل عام، بكل أشكاله من يسار وشيوعيين، كل هذه القوى طرحت سؤال: أين يكمن، هل مرتبط بطبيعة البرامج التي طرحتها الأحزاب، هل نجحت الأحزاب، واليسار الماركسي والشيوعي في تمييز نفسه في برنامجه عن الأحزاب البرجوازية التي استلمت مثلاً في دول العراق وسوريا والجزائر، أين التمايز في البرنامج ولماذا واجهنا جميعاً بمجرد انهيار الاتحاد السوفيتي هذه الأزمة؟

هنا هذا السؤال طرح وبشكل قوي الأمر الذي فرض الاستخلاص الذي ذكرته بمعنى أن على الشيوعيين أن يطرحوا وأن يتصدوا لقيادة المرحلة وانجاز مهمات الثورة الوطنية الديمقراطية، من خلال أوسع تحالف شعبي واسع لتحقيق هذه المهمة.

باعتقادي لا نستطيع أن نقول أن قوى اليسار نجحت في تجاوز كل مكونات أزمتها. وعلينا أن نعترف بذلك، بدليل أننا حتى هذه اللحظة لم يستطع أن نقترب بشكل واضح ومسؤول من الهدف الذي نتحدث به وهو قيادة الجماهير بإحداث التغيير المطلوب واستلام السلطة.

إنجازات هامة للحزب ولكن لم نصل مرحلة الانتشار الجماهيري

نداء الوطن: نعود مرة أخرى للشأن الداخلي. بعد مرور سبعة وعشرين عاماً على انطلاق الحزب، وفي قراءة سريعة لواقع الحزب وواقع العمل الحزبي كيف تقيم هذه التجربة؟ وما هي روافع النهوض بالعمل الحزبي؟؟؟؟

د. سعيد ذياب: في الحقيقة التقييم لتجربة الحزب لا يجوز النظر لها بمعزل عن قراءة الحياة الحزبية بالأردن، والدور الممنهج الذي تقوم به الدولة العميقة لضرب  الحياة الحزبية. وذلك على الرغم من وجود قانون العمل الحزبي، ولكن على المستوى العملي يجري الإقصاء، ويجري التهميش وتجري محاربة الأحزاب.

يجب أن ندرك أنه في ظل حملة متعددة الأوجه، مكنت الدولة ومنظمات ال(NGOS)، من استهداف العمل الحزبي. برغم هذه الظروف الحزب بالمعنى العام نجح في تكريس نفسه كقوة حزبية واضحة المعالم لها دورها في الحياة السياسية، لكن أنا لا أستطيع أن اقول أن الحزب نجح أن يكون حزباً جماهيرياً.

أنا مقتنع أن الحزب نجح في تكريس ذاته في إثبات شخصيته وهويته على المستوى الوطني. لكن هنا السؤال هل نجح أن يكون حزب جماهيري؟ لا نسطيع أن نقول ذلك، لكن أستطيع أن نقول أن الحزب على مستوى الخريطة الحزبية، فحزبنا هو حزب فاعل ومؤثر فيها وفي اتجاهات العمل الوطني.

ولكن لهذا السبب الحزب بهيئاته وفي مؤتمره الأخير، حدد وجوب السعي من أجل مزيد من الانتشار الحزبي الأفقي من ناحية، ثم البناء الذاتي على مستوى العضوية والهيئات القيادية للحزب. هذه مسألة على درجة كبيرة من الأهمية، بدون هذا الوعي لن يتمكن الحزب من الارتقاء والتقدم أكثر في سياق العمل الوطني.

هنالك حالة من الرضا عن الدور الذي يقوم به الحزب على الصعيد الوطني، ولكن لسنا راضين عن حجم الإنجاز –على أهميته- والانتشار الجماهيري. فنحن تطمح في المزيد من التوسع الأفقي والانتشار على المستوى الوطني، بالرغم من الصورة الايجابية التي جسدها الحزب عبر مسيرته.

نداء الوطن:  في ذكرى تأسيس الحزب لهذا العام، رفعتم شعار في بيانكم “الشباب لن يكلّ” كحزب أعطى الاولوية للقطاع الشبابي، واتسم بالحضور الشبابي الطاغي سواء من ناحية الكوادر أو من ناحية العلم الجماهيري والطلابي والشبابي. ما الذي يجعل الحزب قادراً على استقطابالشباب والطلبة؟ وماذا يقدم لهم؟

د. سعيد ذياب: هو يقدم لهم النموذج وعلينا أن نقول بمنتهى الفخر أنه يقدم لهم النموذج للحزب المبدئي الذي يعبر عن طموحاتهم وأهدافهم يعني على المستوى الوطني الأردني وعلى المستوى القومي والعالمي.

المسألة الأخرى أن الحزب كذلك عبر مسيرته النضالية ابتدع أشكالاً في التعاطي مع الشباب متعددة الأوجه، تنسجم هذه الأشكال مع ما يخدم مصالح الفئات الشعبية. على سبيل المثال طرح الحزب الأطر الجامعية في الجامعات، ككتلة التجديد العربية، وهي إطار ديمقراطي يناضل فيه الطلاب للدفاع عن مصالحهم. نتحدث عن المكتب الشبابي والسعي لتشكيل رابطة الشباب الأردني. حملة ذبحتونا التي يعمل بها رفاقنا والتي تدافع عن قضايا الطلبة، والصورة التي جسدتها الحملة ورفاقنا في كتلة التجديد بالاعتصامات، شكلت كذلك نماذج استقطاب، إضافة إلى تجمع اتحرك.

كل هذا من شأنه أن يجد فيه الشباب صورة ايجابية ومرجع يمكن أن يعمل من خلاله.

وهذا لمسناه حقيقة في حالة استنقطاب جيد للشباب في حضور شبابي لافت للنظر لدى حزب الوحدة وهذا بات معروف لدى كافة المتابعين للحياة السياسية.

 بشكل عام نحن نعتقد بأن الشباب داخل الحزب جزء فاعل ومهم ولهم حضور ايجابي يبشر بآفاق مستقبلية.

أجرى المقابلة الدكتور فاخر دعاس

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى