لآخر المستجدات تابعنا على قناة تلغرام

تابعنا
مقالات

قبل الاحتفال بالمرأة… عدلوا القوانين التمييزية بحقها! / جهاد المنسي

يصادف يوم غد الثامن من اذار (مارس)، اليوم العالمي للمرأة. وفي هذا اليوم سنسمع الكثير من عبارات المديح والثناء والإطراء على دور المرأة في المجتمع باعتبارها نصفه، ودورها في تربية الأجيال، وخلافه من كلمات باتت مكرورة في كل عام.

قد يخرج علينا يوم غد البعض ليجلس المرأة بمواقع قيادية في مؤسسات مختلفة، احتفالا بالمناسبة، وكأن المرأة مؤهلة للجلوس بتلك المواقع ليوم واحد فقط، وعليها ترك باقي أيام السنة للرجل الذي يحتل سواد المواقع القيادية بالادارة العامة للدولة، وحتى في المؤسسات الخاصة.

يوم غد يقينا سنسمع من رجال كثر كلمات لم يعتادوا على قولها بحق المرأة، وقد نسمع عبارات مفاجئة غير مسبوقة منهم عن الدور الذي تلعبه النساء في التطوير والارتقاء بالمجتمع بشكل عام، فيما يذهب اولئك أنفسهم لرفض منح المرأة حقوقها الدستورية والتشريعية، التي يجب أن تحصل عليها وأبسطها المساواة التي نصّ عليها الدستور بوضوح.

قالوا “لا يوجد على الحكي جمرك”، وبالتالي قد نسمع يوم غد كلاما كثيرا لا يوجد له أثر على أرض الواقع، وتدحضه الارقام، فما نزال في المرتبة 134 من أصل 144 دولة على سلم الفجوة الجندرية وفق تقرير المنتدى الاقتصادي العالمي للعام 2016، فيما تصل نسبة المشاركة الاقتصادية للمرأة إلى 13.2 بالمئة، وهي أرقام تضعنا أمام واقع مؤلم مرير مفاده ان المرأة بعيدا عن عبارات الثناء المتوقعة ما تزال تبحث حتى اليوم عن أبسط حقوقها الانسانية والمدنية.

تلك الأرقام تدفعنا إن كنا نريد التمكين فعلا وليس قولا للبحث بشكل حقيقي عن آليات العلاج والارتقاء بسلم التمكين الجندري، وأول مراحل العلاج هو تعديل التشريعات التي تظلم المرأة بالأجر وفي الحقوق، وتعديل كل الأنظمة التي نلحظ فيها تمييزا بحق نصف المجتمع، فهذا هو معنى الاحتفال بالمرأة وليس كيل عبارات الثناء والاطراء.

الحقيقة؛ التي نعرفها ونرفض التصريح بها ان الكثير منا ما يزال يرى ان البيت مكان المرأة الافضل، وأن اولئك وهم كثر يقاومون تمكينها اقتصاديا وسياسيا واجتماعيا، وما يزال البعض يقاوم مساواتها بالرجل في الحقوق والواجبات، في التشريع والعمل والأجر، وما يزال مشرعون بيننا يرفضون وبشدة فكرة منح المرأة حق تجنيس ابنها لاعتبارات سياسية وديمغرافية، ويرفضون رؤيتها تتسيد الصف الاول سواء في السلطة التنفيذية او التشريعية.

نعم يا سادة، لنصارح أنفسنا بحقيقتنا، فنحن ما نزال ننظر للمرأة بذات الطريقة القديمة التي وضعها فيها المجتمع، وما تزال افكارنا التقليدية والمحافظة هي التي تتحكم بطريقة تعاطينا مع ملف تمكين المرأة، فنحن نريد تمكينا خطابيا ولفظيا عبر المنابر فقط ونهرب من تمكين السيدات سياسيا واقتصاديا واجتماعيا، ونرى أن افضل الوظائف التي تصلح للمرأة هي التعليم باعتبار ان تلك المهنة الجليلة تجعلها تختلط مع بنات جنسها فقط، وتبعدها عن الاختلاط بكل افراد المجتمع عامة، فنحن نرفض بقرارة أنفسنا رؤية سيدة على رأس الهرم في السلطة التنفيذية؛ رئيسة وزراء أو رئيسة مجلس نواب أو أعيان او رئيسة محكمة تمييز، أو حتى وزيرة داخلية.

صحيح ان النساء يشكلن ما نسبته 23.7 بالمئة من أعداد المحامين، و18.9 بالمئة من أعداد القضاة، وان المرأة تحتل 20 مقعداً بمجلس النواب من مجموع أعضاء المجلس البالغ 130 نائباً، وبنسبة 15 مقعداً عن طريق الكوتا، بيد أن ذلك لا يكفِي للقول اننا نسير في اطار التمكين الحقيقي، اذ علينا ان نعرف ايضا ان 32 بالمئة من النساء المتزوجات يتعرضن لأشكال العنف الجسدي أو الجنسي، ويشكّل الأزواج الغالبية العظمى من الجناة.

نعم قبل أن نقول لسيدات الاردن كل عام وانتن بخير، علينا الإيمان أن لأولئك السيدات ما للرجال من حقوق وواجبات، وأن الاحتفال بيوم المرأة يجب أن يتضمن احتفالا بتعديل القوانين التمييزية بحقها.

نقلا عن الغد

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى