لآخر المستجدات تابعنا على قناة تلغرام

تابعنا
مقالات

قراءة في العنف المجتمعي ضد المرأة

من السهل وسم ظاهرة العنف ضد المرأة بالعداء الفطري الذكوري للمرأة وما يتبعه من انعكاسات في بنية المجتمع وسيطرته على المرأة، ولكن في الجوهر يقوم التمييز ضد المرأة على أساس الطبقة التي تنتمي اليها اجتماعيا، ويظهر ذلك بالتفاوت الجلي تبعا لاختلاف الطبقات في المجتمع الواحد.

تحول دور المرأة اجتماعيا من مركز القوة والقيادة في عصور سابقة بُني على أساس استغلال طبقة رأس المال لها باعتبارها لبنة أساسية وأداة انتاج رخيصة الثمن تحقق ربحاً كبديل جبار عمق الفجوة الطبقية في المجتمع. هذا الاستغلال سحب بساط الاستقلال المادي من المرأة وقوض نفوذها فتحولت الى سلعة تُستغل من أدوات السلطة والدين ورأس المال وأُدخلت في التبعية الاقتصادية ومفاهيم الولاية والحقوق المنقوصة وغياب الثقافة والوعي، وبالتالي عدم قدرتها على التغيير والبناء، وهذا الضعف في الوعي والاستقلالية أسقطها بدائرة العنف الاجتماعي والقبول بالموجود من واقع العرف الاجتماعي والعادات والتقاليد التي لا يمكن مواجهتها. ناهيك عن التشريعات القانونية التي تُبيح العنف ضد المرأة في كثير من بنودها وتحمي المُعَنِف.

يلخص انجلز في “أصل العائلة قائلا:” أخذ الزوج دفة القيادة في البيت ايضا، وحرمان الزوجة من مركزها المشرف، واستعبادها، يجعلها عبدة لرغبات زوجها الجنسية، ومجرد أداة لإنتاج الأطفال، من أجل ضمان اخلاص الزوجة، وبالتالي ضمان أبوة الأطفال، فإنها تُسلم لسلطة زوجها دون قيد أو شرط، فان قتلها فهو لا يفعل غير ممارسة حقة”.

 قبول المرأة بالأمر الواقع الأسري ابتداءً يكون من واقع خوفها على مكونات الأسرة – أطفالها- وعدم قدرتها على توفير الرعاية المادية لهم، وسع دائرة العنف الاجتماعي ضدها الى أشكال غير مسبوقة.

ربط ظاهرة العنف ضد المرأة بمكانها الطبقي كانت صرخة الماركسية التي أطلقتها من واقع قراءة وتحليل المجتمع، وقدمت النسوية الماركسية سُبل العلاج والحل كجزء لا ينفصل عن النهوض الاجتماعي ضد الاستغلال الطبقي، فرأت الماركسية القدرة الثورية المنظمة لدى المرأة والتي تمثلت في عدة اضرابات بمطالب اقتصادية حققت اهدافها تاريخيا وارتكزت في تحليلها على ضرورة بناء المرأة الاقتصادي للنهوض بها كمكون أساسي في المجتمع. و وضعت من أجل ذلك مجموعه من النقاط يجب العمل عليها لمعالجة واقعنا الحالي لغاية الوصول الى حرية المجتمع نلخصها بـ :

..1- توعية المرأة بحقوقها الانسانية والقانونية رفضا للاستغلال

  توعية المرأة لأهمية دورها الاقتصادي كارتكازه أساسية لحماية نفسها وتحقيق حريتها 2-

3- النضال ضد التمييز القائم ضد المرأة اجتماعيا وتثقيف شريكها الرجل بدورة الى جانبها من اجل بناء المجتمع وتخلصه من الاستغلال.

4- دعم المرأة والدفع بها للمشاركة في الحراك الجماهيري النقابي والسياسي والاجتماعي.

5- العمل على تغيير التشريعات التي تُقونن التمييز ضدها. والنضال ضد سلطة العادات والتقاليد والعرف الاجتماعي المستغل لضمان تشكيل علاقات اجتماعية سليمة .

تنامي ظاهرة العنف ضد المرأة في المجتمع الأردني تؤكد توصيف الطبقية ورائها فكل قصص المعنفّات تعود في جوهرها الى فقدان الاستقلال المادي والقدرة على إعالة الأسرة، او اتخاذ أي اجراء قانوني لحمايتها.

تقوم فلسفة علاج ظاهرة العنف ضد المرأة وحقوقها المنقوصة على مفهوم النسوية الليبرالية والرأسمالية التي فصلت قضية المرأة عن المجتمع وطرحتها وكأنها ضد الرجل، وكأن المرأة هي المعنية بقضاياها، ومؤسسات حماية الأسرة والاتحادات النسوية والجمعيات القانونية القائمة على هذه الفلسفة لم تقدم حلول جوهرية لقضايا المرأة بل على العكس وفي كثير من الحالات فاقمته ضدها كعقاب على لجوئها الى هذه الادوات طالبة الحماية والعون.

ومن هنا فإن واجب القوى الوطنية اليسارية المؤمنة بالصراع الطبقي أن تبني خططها وفق تحليلها لقضية المرأة والمجتمع وربطها بتحقيق العدالة الاجتماعية التي لا سبيل لها بدون حقوق وحرية وحماية المرأة.

بواسطة
رانيا لصوي
اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى