لآخر المستجدات تابعنا على قناة تلغرام

تابعنا
Uncategorized

قصة قصيرة ” حمل في سن الأربعين.. “

ناولتني موظفة الاستقبال نتيجة فحص الحمل وهي تنظر إلى خصلة الشعر البيضاء التي تهدلت على جبهتي وتسألني بخبث:

هل هذه لك؟.. مبروك.

تظاهرت بأني غير مكترثة، أدرت ظهري، هبطت بعض الدرجات بتروٍ، وما أن أصبحت محاذية للرصيف، حتى شهقت جذلاً، وكدت أتعثر من الفرح.

على رأس الورقة المروّسة باسم المختبر، كتبوا؛

الحمل إيجابي..

كنت أودّ للحظة تقبيل فتاة المختبر، ولكني تمنعت، هي لم تفعل شيئاً لكي أُصبح حاملاً، هذا الحمل لي، أنا من يستحقه، أمضيت عقودي الأربعة الماضية حتى أصل إلى هنا، أتقافز فوق الرصيف وألوّح بورقة بيضاء تمنحني فرصة فريدة للثأر والانتقام.

شريط من الذكريات، طويل متقطع لعين مر بسرعة أمام ناظري..

كنت أول تلميذة تعاقب بالنقل التربوي من بين كل بنات صفي.. وعندما تزوّجت مبكراً، كنت أول من تطلقت من “الشلة”، ولم يكن قد مضى على زواجي سوى عشرين يوماً.. الناس من حولي عاملوني كبذيئة.. كلبة، رغم الاعتداءات المبكرة بالضرب التي تعرّضت لها من الزوج السكير.

في عمر ٢٣ أنجزت تحقيقي الأول عن المخدرات في السجون.. ثم سافرت وحدي إلى بيروت لمزيد من الهروب.. عملت لشهرين كسائق شاحنة تورد الخضار للسوق.. فقال الناس عني بأني مسترجلة ولا أملك من الأنوثة إلا القليل.

وفي طرابلس استعملت الدراجة النارية للتنقلات، فقالوا: هي غير مستقرة!!

بعد حملها الثاني، مارست أختي هواياتها بصناعة الفخار الغبي، فقالوا بأن أمي محظوظة بها!

غنيت كهاوية في فندق، فقالوا بأني أستحق أن أكون نادلة أو فتاة ليل!

في عمر ٣٦ أنشأت مؤسسة للألعاب الإلكترونية، فقالوا بأني انتهازية مغرورة.

إن وضعت طفلاً في حضني، قالوا هي تفتعل الأمومة، الله يعوّض عليها، وإذا امتنعت، وصفوني بالموتورة.

لأشتري نفسي، تزوّجت من طليق إحدى صديقاتي، نادل الفندق المغترب الذي يصغرني سناً، قاطعني الجميع، وقالوا:

ماذا سيفعل المنكوب بهذه الخردة.. على كل حال هي زيجة لن تطول.

بعد أقل من ثمانية أشهر سأكون أماً، سأحمل طفلي أينما أذهب، حتى لو أحبّ هذا النادل السمين أن يرحل، له ذلك.

أسرعت بخطواتها إلى شقتها الصغيرة فوق المقهى على ناصية الشارع، أغلقت الباب بقوة خلفها، وألقت بظهرها على الأريكة.. لوّحت بساقيها في الهواء، ضحكت بصخب ورددت:

بعد سبعة شهور سأكون قلعة منيعة.. بعد أشهر قليلة لن يجرؤ أحد على الاقتراب مني، وسأبدأ بالهجوم..

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى