لآخر المستجدات تابعنا على قناة تلغرام

تابعنا
مقالات

“كورونا..المقتلة”.. لننتصر لإنسانيتا / د.وسام الفقعاوي

انتشر فيروس “كورونا” حول العالم بسرعة مجنونة، متحفزًا لحصد الأرواح بالآلاف.. إنها “المقتلة”. وأخيرًا، حل علينا في غزة ضيفًا غير مرحب به، فلن نصافحه أو نقبله أو نحتضنه ونضمه إلى أجسادنا، ليس لأن الموت لم يكن ضيفًا دائمًا بيننا، فنحن من هادنا الموت منذ قرن وأكثر، فيأخذ منا أعز وأكرم الناس..

وننتصب مجددًا ونسير على أقدامنا إلى حيث حتفنا الجديد، في عالم استوحش بسيطرة رأس المال الذي لا يعرف إلا أن يُبقي دورته تسير مع تراكم أرباحه على حساب عذاباتنا وآلامنا وآهاتنا، دون أدنى حدٍ لاحترام آدميتنا.. فنحن في نظر أصحاب رأس المال، ليس أكثر من أرصدة في حساباتهم البنكية، لذلك قيل صدقًا: “رأس المال ينزف دمًا من كل مساماته”.. فهذا هو رصيد “الإنسان الذئب” الذي يستوحش على أخيه الإنسان، فيأكل رصيده من الحياة، ليس بضعف فرصه فيها فقط، بل أيضًا في إضعاف مناعته أن يستمر على قيدها.. هنا بالضبط، موقع الاستعمار والاحتلال والرأسمالية والإمبريالية وتوحشهم الدائم على الإنسان والإنسانية.
ماذا يعني أن ننتصر لإنسانيتا؟! ماذا يجب أن نفعل وأمامنا “فيروس” لا يُرى بالعين المجردة، لكنه كشف عورات نظم كانت على الدوام لا ترانا سوى أرقامًا وأرصدة؟ وهل يجب أن نبقى على مهادنة مع الموت لنفقد إنسانيتنا أكثر؟ أم نعتزل الحياة ليبقى صنّاع موتها على قيدها ويلتهمون حقوقنا الأكبر؟!
أن ننتصر لإنسانيتنا.. يعني أن نبقى على قيد حبنا وتعاضدنا وتكافلنا وتماسكنا وإيثاريتنا، لتغدو “نحن” مقابل “أنا”.. بتضميد جراح من أثقلهم فيروس “الفقر والعوز والضعف”، أكثر من فيروس “كورونا” المتجدد العابر، على سطح كوكب 5% منه، يتحكمون بقوت 95% فيه.
أن ننتصر لإنسانيتا.. يعني أن يبقى بحثنا عن شروط حياة أفضل، وهذه لا يمكن أن تكون دون استحقاق جدارتها، وجدارة الحياة تكون بمقاومة من يعمل على إفقادنا مضمون وحقيقة آدميتنا وإنسانيتنا، ويبحث دومًا على استمرار شقائنا.
أن ننتصر لإنسانيتنا.. يعني أن لا نقبل أن يستمر موتنا، على طرقات أنظمة تغولت على أجمل ما عندنا، وأسقطت في براثن أمراضها أغلب شعوبنا، وأعطتنا من رصيدها المتضخم كما كروش سدنتها استمرار موتنا من بوابة استمرار “خصخصتنا”.
أن ننتصر لإنسانيتنا.. يعني أن تصبح “المقتلة” التي أرادوها لنا مقصلة لأعدائنا.. فهذا هو طريق انتزاع حريتنا وكرامتنا وعدالتنا ومساواتنا.. كي لا تغدو “الكورنة/المقتلة” نظام في حياتنا.. ندشنه بقتل إنسانيتنا.. فلننتصر لإنسانيتنا أولًا وأخيرًا.. ونبقى على قيدها.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى