لآخر المستجدات تابعنا على قناة تلغرام

تابعنا
مقالات

لماذا نستبشر هذه المرة باتفاق ”الحدود“!

بكل المقاییس، تشكل اجتماعات المنطقة الحدودیة الأردنیة العراقیة أول من امس، حدثا مھمایثیر التفاؤل والاستبشار بتطور العلاقات الأخویة بین البلدین، وتجاوزھا لعقدة المراوحة باتفاقات الورق، لتجد طریقھا ترجمة على الأرض تعاونا تجاریا واقتصادیا وطاقة، بل ومزیدا من التقارب السیاسي بین بلدین شقیقین، ما یجمعھما ھو أكثر بكثیر مما تفرقھ بعض سیاسة وحسابات إقلیمیة.

قد یكون التأكید على أھمیة ھذه الاجتماعات وما تمخضت عنھ من اتفاقیات متنوعة وواسعة بینالحكومتین ضروریا ھنا نظرا لحجم التشكیك من قبل البعض بجدوى توقیع اتفاقیات جدیدة، وقعت مثلھا في سنوات سابقة لكنھا لم تأخذ حقھا من الترجمة الحقیقیة على الأرض، وھو تشكیك قد لا یكون في غالبھ بنیة سیئة، لكنھ یستند إلى رؤیة صاحبھ الى ما لحق بالاتفاقیات والتفاھمات السابقة مع العراق من تعثر بالتطبیق.

طبعا بعض التحلیلات، أو بالأحرى الآراء، تذھب إلى ربط ذلك التعثر السابق للتفاھمات والاتفاقات مع العراق، بأبعاد لھا ارتباط بعلاقة بغداد بإیران، وما یقال عن اشتراط الأخیرة انفتاحا أردنیا على طھران، لتسلك العلاقة مع العراق، وثمة إضافة اخرى ھنا زجت بسوریة إلى المعادلة المذكورة! قد تحمل ھذه التحلیلات جزءا من المشكلة أو التفسیر لأسباب التعثر، لكنھا بلا شك تتغاضى عن عوامل كثیرة یمكن لھا ان تفسر تعثر تلك الاتفاقات وعودة العلاقات بین العراق والأردن إلى مجراھا الطبیعي والمأمول. ھذه التحلیلات قد تتجاوز من حیث تدري او لا تدري وجود اسباب موضوعیة واخرى ذاتیة، أردنیة وعراقیة، اسھمت بھذا التعثر، یتصدرھا طبعا ما تعرض لھ العراق الشقیق خلال السنوات القلیلة الماضیة من إرھاب ”داعشي“ ھدد بلحظة ما كل استقرار العراق ووحدتھ، وأفقد الحكومة المركزیة السیطرة على مناطق واسعة قبل ان تعود لاستعادة سیطرتھا علیھا ودحر ھذا التنظیم الارھابي.

الراھن الیوم؛ أن الظروف مھیأة لفتح صفحة جدیدة من تطویر العلاقات التجاریة والاقتصادیة والتعاون بمجالات عدیدة بین البلدین الجارین والشقیقین، وبما یخدم مصالحھما المشتركة حیث لا فكاك من الجغرافیا ولا التاریخ المشترك. والاندفاع الأردني لتوثیق العلاقات مع العراق الشقیق وفتح آفاق التعاون معھ یقابلھ بوضوح اندفاع عراقي لتعزیز العلاقة مع الأردن، خاصة وان المملكة تشكل رئة بریة رئیسیة للعراق، ومیناؤھا في العقبة یمكن ان یشكل للعراق رئة ثانیة تنضاف لموانئھ على الخلیج، للاستیراد والتصدیر وخاصة النفط.

الاختراقات المھمة التي شكلتھا الاتفاقیات الثنائیة المختلفة التي وقعھا البلدان بالمنطقة الحدودیة أول من أمس لم تكن لتتحقق، أو لتأخذ ھذا الزخم والاھمیة، لولا الاختراق السیاسي على صعید العلاقةالذي تحقق في الاشھر القلیلة الماضیة، وكان ابرز وجوھھ الزیارة الملكیة المھمة لبغداد والتي قابلتھا زیارة الرئیس العراقي لعمان، وقبلھما زیارة رئیس الوزراء عمر الرزاز إلى العاصمة العراقیة.

ھذا الاختراق السیاسي المھم عكس حرص البلدین والحكومتین على تجاوز عثرات الماضي وظروفھ، باتجاه فتح الآفاق واسعة أمام التعاون الاقتصادي والتبادل التجاري وتحقیق المصالح المشتركة. المؤشرات كلھا تصب الیوم بوجود ارادة سیاسیة في البلدین للمضي قدما بتعزیز العلاقات التجاریة والاقتصادیة لحاجة البلدین الملحة لھذه العلاقات في ظل ما یعانیھ كل بلد من تحدیات اقتصادیة، لا یستقیم معھا التقوقع في حسابات السیاسة الأقلیمیة والدولیة. أما أردنیا، فلا شك أن نجاح مثل ھذه الاتفاقیات مع العراق الشقیق كفیل بمنح الاقتصاد الأردني وقطاعات مختلفة فیھ دفقة حیاة قویة تساعدھا على تجاوز السنین العجاف الماضیة، وتبث فینا الأمل بمرحلة مقبلة افضل .

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى