لآخر المستجدات تابعنا على قناة تلغرام

تابعنا
مقالات

لن نغيب بصمت في الظلام / ماجد توبة

في فلم الخيال العلمي الأميركي “يوم الإستقلال” وقف الرئيس الأميركي يخاطب طياريه وجنوده عشية المعركة الحاسمة مع الغزاة الفضائيين الذين كانوا بدأوا بتدمير شامل وواسع للأرض، ليؤكد “سنقاتل.. لن نستسلم.. لن نغيب بصمت في الظلام”، في مشهد تراجيدي مؤثر استذكرته أمس عندما اعلن البيت الأبيض تفاصيل بعض ما أسماها “صفقة القرن” لدفن الحقوق الوطنية الفلسطينية بالاستقلال والدولة المستقلة وعودة اللاجئين، مقابل وعود وأوهام برخاء اقتصادي للشعب الفلسطيني ومحيطه العربي!

لا يحتاج الشعب الفلسطيني لأفلام خيال علمي ليثبت للعالم أجمع أنه لن يغيب بصمت في الظلام والتاريخ، فتاريخه القديم والحديث وتاريخ أمته العربية دليل شاهد ومستمر على تمسكه بحقوقه الوطنية وبذله مئات الاف الشهداء والأسرى والجرحى دفاعا عن حقه بحياة حرة كريمة على أرض أجداده وآبائه، طال الزمن أو قصر.

رئيس البيت “الأسود” المندفع كالثور الهائج لفرض ما يعتقد أنها شروط الاستسلام والهزيمة على الشعب الفلسطيني والأمة العربية بصفقته، أصابته لوثة غرور القوة والجهل بمحركات التاريخ الانساني للشعوب والأمم وانحيازه اليميني الأعمى للصهيونية، وطغت على عقله المحدود فكرة التاجر الشاطر في التعامل مع حقوق الشعوب، فاندفع بمحاولته البائسة لتغيير شروط التاريخ وتزييف الواقع والصراع معتقدا أنه سيكون قادرا بلحظة ضعف الأمة العربية واختلاط حسابات البعض، على إنجاز المهمة.

ما كشفه البيت “الأسود” وعراب الاستسلام جاريد كوشنر لصفقتهما لا يعدو عن وصفة لبقاء الاحتلال الصهيوني للضفة الغربية، وطبعا الجولان العربي، المحتلين، بما يتضمنه ذلك من بقاء المستوطنات وضمها والقدس لكيان الاحتلال ووأد الأمل باقامة دولة فلسطينية حتى لو كانت مسخا، مع التركيز على أوهام الرخاء والانتعاش الاقتصادي للشعب الفلسطيني والشعوب العربية المحيطة بفلسطين، والأهم طبعا فتح الباب لاسرائيل للاندماج بالمحيط العربي ومنحها فضاءات واسعة لتعزيز قوتها وسطوتها واطماعها بالمنطقة والعالم.

وعود بخمسين مليار دولار على مدى عشرة أعوام ورجال أعمال ومستثمرون يتقدمون السياسيين لتسويق الهزيمة والاستسلام لأبشع احتلال في التاريخ الحديث، كلها مبادرات وخطط لن تجدي مع الشعب الفلسطيني والشعوب العربية للتنازل عن حقوقها الوطنية والقومية والتسليم بالهزيمة مع عدوها التاريخي والوجودي حتى لو كانت خلفه الولايات المتحدة وإدارتها المتصهينة والهوجاء.

القيادة الفلسطينية وقبلها الأردنية ومعهما صف طويل من ساسة العالم ودوله ورأيه العام يفهمون التاريخ ويفقهون الحقوق والشرعية الدولية والانسانية، لذلك دبّوا الصوت عاليا رغم سطوة ترامب وبلاده بأن هذه الصفقة الغبية لن تمر ولا يمكن أن تمر لانها تعاند سيرورة التاريخ وتقفز عن الحقوق الوطنية الثابتة والشرعية للشعب الفلسطيني بارضه ووطنه.

ستعقد ورشة البحرين وتسوق مشاريع وأوهام وستكشّر ادارة ترامب عن أنيابها لفرض صفقتها، لكن أحدا في الأرض لن يستطيع إجبار الفلسطيني على التوقيع وقبول الاستسلام وبيع الأرض والحقوق، وسيذهب ترامب عاجلا أو آجلا إلى مزبلة التاريخ ويبقى الشعب الفلسطيني صامدا مقاوما مضحيا بكل ما لديه لاستعادة حقوقه ووطنه إلى أن تعود، وهو شعب لن يغيب بصمت في الظلام.

بواسطة
ماجد توبة
اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى