لآخر المستجدات تابعنا على قناة تلغرام

تابعنا
أخبار محلية

ماذا في بيان الدفاع 6 و9 ؟؟؟

منذ التاسع من شهر إبريل الجاري أي تاريخ اعلان بيان الدفاع رقم 6 وتلاه البيان رقم 9 واللذين أخذا الصفة القانونية ، لم ينفك رئيس الحكومة ووزير العمل ومحافظ البنك المركزي ومدير الضمان الاجتماعي وغيرهم من المعنيين عن الحديث حول أطراف عملية الانتاج ، أرباب العمل والعمال وحقوق كل منها في ظل حالة الشلل التي يعاني منها الاقتصاد الأردني .


لقد حاولت الحكومة اقناع كل من طرفي عملية الانتاج بالحلول المقترحة للعلاقة الملتبسة بين صاحب العمل والعامل وحقوق كل منها على الآخر بعد تعطل آلاف العمال في ظل بيانات الحظر وتوقف شركات الانتاج عن العمل أيضاً .
في البيان رقم 6 كان الوضع الأمني مرتبكاً نوعاً ما ، وكان استتباب الأمن وبث الهدوء لدى المواطن يشكلان الأولوية عند الحكومة ، ولذلك تميز البيان بعدم الوضوح فجاء البيان رقم 9 ليوضح بعض النقاط ويزيل ما علق بالبيان رقم 6 من رتوش ، فحدد البيان حقوق العامل المتعطل عن العمل وكذلك حقوق المشغل أو صاحب العمل المتوقف عن الانتاج ويحقق خسائر يومية ، وجاء في البيان رقم 9 أن لصاحب العمل أن يتقدم لوزارة العمل بطلب تخفيض الأجور للعامل بحيث يستحق العامل 50٪ من أجره المعتاد أو الحد الأدنى من الأجور والبالغ 220 دينار إذا كان العامل مشتركاً بالضمان الاجتماعي لمدة 12شهراً أو أكثر على أن يدفع صاحب العمل 20٪ من الأجر الاعتيادي .
في البيان رقم 9 الذي تميز بوضوح أكثر ، يستطيع الموظفون في مؤسسة تضررت من الظروف الحالية ، ومسجلة في الضمان الحصول على 60٪ من الراتب وبحد أدنى 160دينار وبحد أعلى 500 دينار ، ويساهم صاحب العمل بدفع 20٪ من راتب الموظف ، ولن تزيد مساهمته عن 250 دينار .
أما المؤسسات الغير مسجلة في الضمان الاجتماعي فتلتزم بدفع 140 دينار لمرة واحدة .

الحكومة في بياناتها أمسكت العصا من الوسط ، إذ حاولت إرضاء كلاً من العمال وأصحاب
العمل ، لكنها انحازت أكثر لأرباب العمل ، كيف ؟
ــ قدمت للعامل ما يعينه على البقاء حياً، إذ أن ما قدمته له لا يكفي حد الكفاف وتوفير أدنى حاجاته المعيشية .
ــ لكنها أبقت على العامل مرتبطاً بعمله حتى تزول الظروف ويعود إلى عمله ، وبحيث لا يلجأ صاحب العمل إلى تسريح العمال العاملين لديه على قاعدة ( الرمد ولا العمى )
أما بالنسبة لأرباب العمل ، والذين كان بودهم لو لم يحصل العامل على أي أجر فقد أبدوا قليلاً من الاعتراض ، وكان ردهم أنتم أيها الحكومة ، لم تسمحوا لنا بالعمل فكيف لنا أن ندفع رواتب. وطالب هؤلاء الحكومة بالدعم المالي ، وتساءلوا عن برامج الحماية الاقتصادية ، والضمان الاقتصادي من الحكومة ومن الضمان الاجتماعي .
وهنا أعلنت الحكومة باللسان الفصيح عن دعمها المالي لأصحاب العمل بشرط دفع ما يترتب عليهم من أجور قدرها البيانان رقم 6 ورقم 9 مع ضمان نسب ربح منخفضة وبذلك يكون صاحب العمل ، قد ضمن قسماً من أرباحه وضمن إمكانية عودته إلى الانتاج وقتما يشاء، وكذلك ضمان عودة عماله إلى المؤسسة التي يعمل بها .
وهنا لا بد من ملاحظة وهي أن الحكومة هي التي أدارت العلاقة وحددت طبيعتها بين أصحاب العمل والعمال .
فمن هي الحكومة ؟ وكيف أدارت هذه الأزمة ؟
إن الحكومة كما هو معروف عبارة عن ائتلاف من طبقة الرأسماليين والتيار المعروف بالنخبة الليبرالية المحدثة، وهذا هو حال كافة حكومات العالم الثالث أي الدول النامية والدول الفقيرة ، وتتبنى الحكومة في هذه التركيبة ورغماً عنها نظرية اقتصاد السوق ، وتلتزم بقوانين التجارة الحرة والانفتاح الاقتصادي ، وهذا يطلق عليه ( نظرية التبعية ) أي إنها مقيدة بكل ما يصدر عن النظام الليبرالي العالمي وتلتزم بكل ما تمليه النخبة الليبرالية المركزية التي تدير السياسات الاقتصادية لكافة الدول النامية ، وحتى دول العالم الثاني ، ولا تستطيع أي حكومة طبقية الافلات من هيمنة نخبة المركز الليبرالية ، والدليل على ذلك ، أنه بالرغم من أن الأردن كما غيره يعيش ظروف تشبه ظروف حرب كونية إلا أنها غير مؤهلة لتشكيل المجلس الاقتصادي الذي يدير ويشرف على السياسة الاقتصادية ، وقد ظهر ذلك جلياً في تشكيلة المجلس الاقتصادي الذي لم يضم أياً من المنظمات والأحزاب السياسية والاجتماعية .
وهنا نشير إلى ما صدر عن رئيس الحكومة خلال إعلانه البيانين 6،9 عندما اعترف بأن الحكومة تشاورت مع صندوق النقد الدولي حول الوضع الاقتصادي في ظل الظروف الراهنة وهذه اشارة على أن بيانات الدفاع المتعلقة بالعمل ورأس المال هي بيانات تم املاءها من قبل صندوق النقد الذي تديره نخبة المركز . وفي هذا الصدد يشير الخبير الاقتصادي المشهور ( باران ) أن من أبرز أهداف الرأسمالية العالمية قمع السياسات الاستقلالية ويقول عالم الاقتصاد (هورست افهيلد ) أن السوق العالمية الحرة تعاقب بلا رحمة أو هوادة كل من تسول له نفسه زيادة الأجور بنحو ملموس ، والهدف كما يقول افهيلد انتاج سلع بأدنى كلفة ممكنة .
لذلك نلاحظ أن ما حصل عليه العامل من الرأسمالي لا يصل إلى حد الكفاف على اعتبار أن الأجور تعتبر من وجهة نظر صاحب العمل جزءاً رئيساً من كلفة الانتاج ، وهي تسعى لإنتاج سلع منافسة ، وهذا لن يتأثر إلا من خلال أجور رخيصة وساعات عمل إضافية لزيادة القيمة الإضافية (فائض القيمة ) ، وهذا يشكل سياسة اقتصادية موحدة لدى من يدير اقتصاديات الدول تنحو نحو نهج يسمح للمشاريع بتحديد أجر العامل ومن خلال اتفاق بين رب العمل والعامل المعني .
من هنا لو لاحظنا أن في البيان رقم 9 اشارة واضحة إلى ضرورة تفاهم العامل مع رب العمل ، ولم يرد ولا كلمة واحدة عن نقابات العمل ، التي حولتها منظمة التجارة العالمية إلى مجرد ديكور ، لأن نقابات العمال لو تدخلت لكانت النتائج فيما يتعلق بالأجور غير ما ورد في بيانات الحكومة كونها تتوافر بها شروط تفاوضية أفضل من العامل بمفرده .
وقوانين الدفاع التي صدرت ولا زالت تصدر مشتقة في الحقيقة من قانون الدفاع الأساسي لسنة 1992، ويتعلق ( بأمن الوطن والسلامة العامة ، والاضطرابات والفتن الداخلية والكوارث العامة وانتشار آفة أو وباء )
وهنا لا بد من ملاحظة وجود تقسيم للعمل كما أشار لينين في تعليقه على نظرية التطور اللامتكافئ لكارل ماركس ، أي ثمة قسم يتعلق بالجوانب الأمنية وقسم آخر في الأمور الاقتصادية ، وهذا ما مثلته الحكومة وتمثله في ظروف الأزمة الناجمة عن فايروس كورونا ، وفي مقابل ذلك يستطيع هذا التحالف الطبقي ، الحصول على مليارات الدولارات من صناديق الإقراض العالمية ، والتي قدم لها كبير المستشارين في البنك العالمي جوزيف ستيغلس الحاصل على جائزة نوبل في الاقتصاد صورة وثيقة ورائعة حول كون هذه المليارات وسيلة للهيمنة المتزايدة التي تتمتع بها مصالح الرأسمال العالمي .

بواسطة
عبدالمجيد الخندقجي
اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى