لآخر المستجدات تابعنا على قناة تلغرام

تابعنا
مساهمات شبابية

مسّاد و” #صباح_الا_لا ” / مالك أبو الهيجا

راج على مواقع التواصل الإجتماعي في الفترة الماضية جدالات عديدة و سجالات طويلة حول موضوع الفيديوهات التي ينشرها “الناقد الساخر” احمد مساد، و التي تبيّن فيما بعد انها منقولة حرفيّاً من احد الناشطين المصريين، المسألة التي خلقت صدمة لدى متابعين مساد و محبيه الذين يتابعونه.

و بالرغم من المشاهدات التي قد تلامس المليون او اكثر لتلك الفيديوها الساخرة، و التي لاقت لدى مجتمع الشباب في الاردن إقبالاً كبيراً إلا أن اغلبية هذه الشخصيات التي تصف نفسها بــ “الناقدة الساخرة” لم تتطرق سوى لعادات جانبيّة و موروثات اجتماعيّة تتعلق باللغة و اللهجة، و اسلوب التعبير عن الرأي و بعض المراهقات و النزوات التي يمر بها الشباب. السؤال الذي اطرحه: هل ترقى هذه المواد و تلك الشخصيات لحد توصيفها بأنها تمارس النقد الساخر؟ و هل النقد الساخر يكون بالتطرق لعادات المجتمعات و اسلوب حياتها؟ أم انه يلامس “قضايا” اجتماعية مهمة و يوظف ممارسات المجتمع في سياق النقد لإثارة السخرية الهادفة؟

إن نسبة كبيرة من متابعي مثل هذا “الفن” و المحتوى- بالتأكيد- لم يقرأو يوماً مقالة لمحمد طمليه و لم يرتشفوا ابداعات محمد الماغوط، او حتى لم يشاهدوا “سخرية” دوريد لحام، و مما لا شك به أنهم لم يلقوا نظرة عميقة على رسومات ناجي العلي، و لذلك اصبح المهرج يعتلي ركب “النقد الساخر” و يتنطع لعادات الناس و لحياتهم و طريقة كلامهم دون أن يشعر بسخافة ما يقدمه او بعدم ملائمة توصيف حالته مع المحتوى الذي يقدمه. لا بد من التفريق بين التهريج و النقد الساخر، فالمسافة بينهما شاسعة و كبيرة جدا، مع التأكيد على عدم التقليل من شأن المهرجين، لإسهاماتهم بإضحاك الناس و التخفيف من ضغوط الحياة عليهم. يقول المفكر الأستاذ ادوارد سعيد ” مهمة المثقف و المفكر تتطلب اليقظة والانتباه على الدوام ، ورفض الانسياق وراء أنصاف الحقائق أو الأفكار الشائعة باستمرار” من كلام سعيد نستسقي المهمة الكبيرة التي يتحملها المثقف تجاه مجتمعه، و النقد الساخر هو احد انواع و اساليب التنوير و الثقافة، و يعد من اعقد الأنواع على الإطلاق، و لسبب ان السواد الأعظم من الشباب اعتزل الثقافة و القراءة و التنوّر و لم يعد للكتاب في حياتهم مكان، استطاع بعض “المهرجين” ان يصبحوا ناقدين ساخرين يتابعهم ملايين الناس، و يتكلم عنهم الرأي العام، و بالمقابل يصبح المثقف الحقيقي عبارة عن مادة اعلاميّة مهترئة غير جاذبة. الفرق الجوهري بين النقد الساخر و التهريج يكمن بمدى صلابة المحتوى و تحديه للزمن، فالمهرج يقدم فقرته على الخشبة و يثير الجميع، و المثقف يقدم عصارة افكاره و تحليلاته للقارئ او المستمع و يثير من حوله، و لكن ما قدمه المهرج لن يكون مثيراً عند مشاهدته للمرة الثانية، بالمقابل إن المادة التي قدمها المثقف تبقى مثيرة للتفكير و الخيال و التأمل في كل مرة تتم قرائتها. بالنهاية التقدير الكامل لكل المثقفين و المهرجين، شريطة ان يبقوا في الحيّز الحقيقي لإنتاجهم.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى