لآخر المستجدات تابعنا على قناة تلغرام

تابعنا
أخبار فلسطين

من المُشاركة إلى وَهم “المواطنة”

لقد تصرّفت الأحزاب العربية المُشاركة في انتخابات الكنيست الصهيوني تحت مُسمّى «القائمة المُشتركة» تمامًا كأنّها من صميم هذه الدولة/الكيان الاستعماري الصهيوني على أرض فلسطين المُغتصبَة، وعلى أنّها تُشارك في اللعبة ال»ديموقراطية» وَمن خلالها سوفَ تُحقّق مطالب شعبها/جمهورها، على المستوى القومي والوطني والمحلي، وعلى مدارِ ثلاث جولات انتخابية رُفعَت شعارات بَرّاقَة رَنّانَة لا تَمُت للواقِع بِصِلَة، كَإسقاط «صَفقَة القرن»، وقفِ الاستيطان من خلال إسقاط حكومة الاستيطان اليميني.

فَكانَ وَهْم المواطنة هذا والذي تَكذب بهِ هذه الأحزاب على جمهورها، هو الذي أوصلها إلى سهولَة بيع شعارات «التأثير» على سياسة الحكومة القادمة وشعارات «زج نتنياهو في السجن» في أوساط الفلسطينيين أصحاب الأرض القابعين في وطنهم تحت الاستعمار الصهيوني، فقد شعرَ الفلسطيني المُشارك في الانتخابات وكأنَّهُ فعلا قابَ قوسين أو أدنى لِتحقيق هذه الشعارات «المصيريّة» والمُشارَكَة في الحكومة القادمة بشروط القائمة «المُشتركة»، هذه النشوة من سَقف التوقعات العالي ساهمت في رفع نسبة التصويت بشكل ضئيل (إذا ما أخذنا بعين الاعتبار نسبة التزييف العالية عند العرب)، مع الأخذ بعين الاعتبار أنَّ المُشتركة حصلت على حوالي ثُلُثَيّ أصوات الأحزاب الصهيونية التي كانت تحصدها من الأصوات العربية، (وهذا أمر جيد، وهؤلاء ساهموا بدفع المشتركة باتجاه التوصية على جانتس، فهم أصلا مصوتو الأحزاب الصهيونية، وخلقوا حالة كَأنَّ معظم جمهور المشتركة مع التوصية، وثبتَ عكس ذلك في ردود الأفعال عند قاعدة المُشتركة وهذا لا يعني بأنّه لم يكن من القاعدة الأساسية للأحزاب العربية من يريد التوصية اياها)، وساهمت في زيادة عدد أعضاء المشتركة في الكنيست الصهيوني، وهنا وَقعَت المُشتركة في امتحان الحقيقة، الحقيقة الواضحة وضوح الشمس بأنَّ هناكَ إجماع صهيوني مُرتبط أيديولوجيًا بالفكرة الصهيونية القائمة على الاحتلال والاستعمار والاستغلال واعتبار العرب الفلسطينيين «أغيار» رغمَ زعم المواطنة المتساوية، امتحان رَفض تشكيل الحكومة الصهيونية اعتمادًا على النواب العرب رغمَ تفانيهم في مُحاولَة ترجيح كَفّة الجنرال جانتس على حساب الضابط المُصاب بكتفهِ من الفدائيّة تريزا هلسه، نتنياهو.
على مدارِ الجولات الانتخابية الثلاث في التاسع من نيسان والسابع عشر من أيلول 2019 وفي الثاني من آذار 2020 رفعت المُشتركة شعارات التأثير والتغيير وركّزت في حملتها على إسقاط بنيامين نتنياهو واليمين بزعم أنَّ إسقاط «اليمين المُتطرّف» سيعني تشكيل حكومة من معسكر «المركز – يسار» وَوضع حد للاستيطان في الضفة والقدس، واضعينَ أنفُسهم بخانة واحدة مع أفيغدور ليبرمان وجنرالات أزرق أبيض، ومن هنا كان دخول الأحزاب العربية في مُفاضلة بينَ يمين صهيوني متطرّف «أكثَر»، ويمين صهيوني متطرف «أقل» وهذا الأخير هو من معسكر «التغيير» بحَسبِ مزاعم خطاب القائمة المشتركة وفي كل خطابهم ودعايتهم الانتخابية كانوا يضعون أنفسهم في معسكر واحد مع أفيغدور ليبرمان (يسرائيل بيتينو) والجنرالات جانتس، يعلون وأشكنازي (أزرق ابيض) وغيرهم، فالمعسكر الأول واضح في خطابهِ مُجَرَّب في السياسة على مدار عقد من الزمن في الحكم وعلى مدار عقدين آخَرينِ على الحلبة السياسية الصهيونية بزعامة بنيامين نتنياهو، والثاني واضح مُجَرَّب في الجهاز العسكري الصهيوني ولهُ باع طويل في قتل شعبنا وتدمير مؤسّساتهِ، خاصّة الإنسانية والبُنى التحتيّة، وراهنت القائمة المُشتركة بكل مُركّباتها على حزب «أزرق أبيض» بزعامة عُتاة الجنرالات المُتقاعدين حديثًا من خدمتهم العسكرية مُعتمدين في دعايتهم الانتخابية على رصيدهم الزاخر بالقتل والتدمير ضد شعبنا.
هكذا ذهبَ أقطاب المُشتركة برئاستها الرباعيّة، أيمن عودة عن الجبهة الديموقراطية، أحمد طيبي عن العربية للتغيير، منصور عباس عن الإسلامية الجنوبية ومطانس شحادة عن التجمع الديمقراطي، إلى رئيس دولة الكيان الصهيوني وأوصوا مُجتَمعين على جانتس زعيم «أزرق أبيض» لتشكيل الحكومة القادمة، فَعلوا ذلك رغم كُلّ المؤشّرات التي كانت تَدُل على عَدم إمكانية، بل واستحالَة قيام حكومة بدعم من الأحزاب العربية، وبعد أن حَصَل الجنرال «جانتس» على تأييد 61 عضو كنيست وكتاب توكيل من رئيس الكيان رؤفين ريفلين بالبدء بتشكيل الحكومة ذهبَ إلى نتنياهو
زاحفًا ضاربًا أحلام اليقظة لأقطاب المُشتركة بعرض الحائط، فقد كانَت تصريحاتهم تتحدّث لجمهورهم على أنَّ جانتس سيأتي زاحفًا إليهم، نعم بالحرف الواحد، هكذا كانوا يبيعون الوهم كَذبًا للإنسان الفلسطيني عن قوّةِ صَوتهِ الذي ذهبَ في نهاية المطاف وَمن دونِ مُقابل لحكومة الوحدة الصهيونية.
في نهاية المَطاف هنا لا بُد من الإشارة إلى أنَّ ما يُسمى بالمُعسكر «البديل» الصهيوني والذي شكلت القائمة المُشتركة جزءً منهُ، قد ألقى هذا المعسكر بالمُشتركَة في سَلَّة المُهملات، وهذا أرقى وصف ممكن أن نستعملهُ هنا، وهكذا كانت القائمة المشتركة ورقة للمساومة من أجل الضغط والوصول الى حكومة وحدة صهيونية، ومن دون شك القائمة المشتركة تتحمّل، أخلاقيًا، كل تصرفات وقرارات الحكومة الصهيونية القادمة، هذا عَدا عن أنَّها لم تُحقّق أي من شعاراتها الانتخابية «الثورية» التي رفعتها ما عدا حفاظها على إمتيازاتها، الحزبية والشخصية، فهنيئًا لِ»إسرائيل» بكم.

بواسطة
محمد أبو أسعد كناعنة عرابة البطوف/الجليل - فلسطين المُحتلة
اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى