لآخر المستجدات تابعنا على قناة تلغرام

تابعنا
ثقافة وأدب

ناجي العلي .. في الذكرى الثانية والثلاثين لاغتياله.. ما زال “حنظفة ” طفل فلسطين الحاضر الأبهى في الذاكرة!

ولد حنظلة في العاشرة من عمره، وسيظل دائما في العاشرة، ففي تلك السن غادرت الوطن، وحين يعود حنظلة سيكون، بعدُ.. في العاشرة، ثم يأخذ في الكبر بعد ذلك.. قوانين الطبيعة المعروفة لا تنطبق عليه، إنه استثناء.. وستستحيل الأمور طبيعية حين يعود الوطن … فالطفل يمثل موقفاً رمزيا ليس بالنسبة لي فقط.. بل بالنسبة لحالة جماعية يعيش مثلي وأعيش مثلها... مهمة الكاركياتير عندي تبشير بالأمل، بالثورة، لولادة إنسان جديد.. الكاريكاتير تعرية الحياة بكل ما تعني الكلمة.. الكاريكاتير ينشر الحياة دائما على الحبال وفي الهواء الطلق، وفي الشوارع العامة.. أنه يقبض على الحياة أينما وجدها لينقلها إلى أسطح الدنيا حيث لا مجال لترميم فجواتها..
هذا ما سجله ناجي على كراس يكرمه بعد إغتياله!
وقالوا في ناجي العلي..
1- محمود درويش :
لا أعرف متى تعرفت على ناجي العلي، ولا متى أصبحت رسومه ملازمة لقهوتي الصباحية الأولى، ولكنني أعرف أنه جعلني أبدأ قراءة الجريدة من صفحتها الأخيرة.. وكنت أكتب وكان يرسم.
جميع الذين عملوا معه كانوا يقولون أنه أصبح جامحاً، وأن النار المشتعلة فيه تلتهم كل شيء، لأن قلبه على ريشته، ولأن ريشته سريعة الانفعال والاشتعال لا تعرف لأي شيء حسابا، ولأنه يحس بأن فلسطين ملكيته الخاصة التي لا يحق لأحد أن يجتهد في تفسير ديانتها، فهي لن تعود بالتقسيط، لن تعود إلا مرة واحدة..
لم يكن سهلا أن تناقش ناجي العلي الذي يقول لا أفهم المناورات. لا أفهم السياسة، لفلسطين طريق واحد وحيد هو البندقية ..
2- صلاح عيسى:
من ذا الذي يستطيع أن يطلق النار على أشعة الشمس؟ من ذا الذي يجرؤ على اغتيال نسمات الصبح؟ ومن أين لأحد القدرة على اقتناص ألق الفرحة في العيون، وإصطياد حبات الندى وهي تعبر المسافة بين السحابة وخفقة القلب!
حين تيقنت أن الخبر جد لا كابوس، أحسست بلزوجة الدم على جبهتي، وحرارة الدمع على وجنتي، فإذا اختفى أو اختفت رأيته دائماً: فهو في الأنهار والاشجار، وفي العصافير والفراشات، في قلب الليل المدلهم وفي زغرودة الفرح الحزين، في فرح اللقى، وحرارة دمعة الوداع..
3- رشاد أبو شاور :
الكاريكاتور عند ناجي تماما مثل مسرح «برخت» يدفعك لاتخاذ موقف، للمحاكمة العقلية، للاستنتاج المنطقي، أنه لا يخفف عنك، إنه يثقل عليك، وبهذا يوقظ انسانيتك المهانة المستباحة.
ناجي العلي فنان لا يساوم، وهو قاس على الذين يتقدمون الصفوف ويمشون عوجاً، وهو لا يرضى باقل من البياض والنصاعة والطهارة التامة للذين ينتحلون تمثيل البسطاء والفقراء والوطن. الثورة عنده أخلاق وذوق ومثل، والعروبة أخوة حقيقية، ولهذا بالضبط لن يخدع ناجي العلي بالشعارات.
ناجي العلي الفنان البسيط، التلقائي، البعيد عن التنظير، البليغ بلاغة ما قل ودل، الجميل جمال الحياة بدون تزويق أو تلطيخ وصباغة وجوه وأهداب مستعارة.
ناجي العلي فنان تجاوز الحدود الموهومة بالخطوط التي ترسم الحدود الحرة ، حدود الحرية بلا ضفاف، حرية الفنان والناس والوطن.
4- خليل السواحري :
إذا كانت الموضوعات الآتية تتحول بين يدي ناجي العلي إلى موضوعات تستشرف آفاق المستقبل البعيد، فما الذي يمكن أن نقوله عن تلك الرسومات التي هي أهلاً لمثل هذه الغاية الاستشرافية.
وإذا كان محمود درويش قد جعل من ناجي العلي شاهداً على البعض»فهذا الشهيد الذي كان شاهداً علينا، هو شهيد ثقافتنا، شهيد الطرق المتعددة إلى الوطن» فإنني أقول أن ناجي العلي كان أيضا شاهدا لنا، لكل المناضلين الذين ما زالوا يحملون في صدورهم جذوة الرفض والتحدي.
5- عز الدين المناصر :
كان ناجي مثل الكتاب المفتوح، سهل يدخل القلب بسرعة ودون مقدمات ولا يخرج منه بعد ذلك أبداً.
كان ناجي إذا حاورك في السياسة يرفض الحديث بلغة المثقفين ويصر على طرح الأسئلة الشعبية ببساطة شفافة وعميقة، إنه فنان الحساسية الشعبية ولهذا كانت الجماهير تنتظر كاريكاتيره كل صباح.
وكان المثقفون في بيروت يتناقشون في حل رموزه وتفسيرها رغم وضوح خطوطها.
ناجي لا يرى ولا يؤمن ولا يعتقد ولا يتصور دولة فلسطينية إلا في كل الخارطة الفلسطينية، ولهذا رفض فكرة المرحلية رفضاً باتاً.
قال ناجي ( لا ) في عصر ( نعم ) وكان لا بد أن يزعج هذا الموقف لأنه يكشف الرأي الآخر ويعرّيه.
6- ناصر السومي :
طرح ناجي تميزه منذ البداية، فنأى عما هو متعارف عليه في فن الكاريكاتور واتصل مع عالم التعبير الذي كانت آفاقه محددة بالفن التشكيلي، فاقترب من جيروم بوش وبروغل ، الفنانين الهولنديين اللذين إستخدما الرسم للتعبير عن الواقع السياسي والديني في عصر النهضه.
ووجد ناجي عمقه الاخلاقي في شخصية السيد المسيح وجعل منه أحد رموز الخير والكفاح من أجل الحق، خصوصا وأن قرية ناجي ومسقط راسه ارتبطت باسمه لأن «السيد المسيح كان يتظلل بفيء شجرة كانت في أرضها».
وقد يكون انتماء ناجي الفعلي والروحي إلى المخيم الذي تشكل أساسا من طبقة الفلاحين والشرائح الاجتماعية الدنيا قد لعب دورا في شكل الوعي الذي قدمه عبر رسومه.
7- صلاح حزين :
لا شك أن ناجي العلي، كما عرفته، لم يكن يمانع في أن يتحول إلى شهيد للريشة والكلمة والموقف، وإلى ضمير لشعبه الذي كرس حياته من أجله بالمعنى الحرفي للكلمة، لكنه كان يود أن يكون في الوقت نفسه المبدع العظيم في فنه الذي سبٌب حياته، كما كان سبب موته.
كان ناجي العلي في حديثه ذاك يختصر المسائل والقضايا والأشخاص ويقدمها عبر خلاصات ناجزة لا تقبل الكثير من الجدل، بدت له الصراعات محددة الاتجاهات، معروفة الاطراف.. قيم العدل والحرية والتقدم بمستوياتها المتعددة تقف في وجه قيم القمع والعبودية والخيانة والتحلل، والعالم كله ساحة للصراع والتخندق، ولا مجال للحياد .
8- مروان عبد العال:
يا ناجي، حنظلة لا يزال يسخر منا ولم يمت، وما زلنا نبحث عنه في الصفحات الأخيرة للصحف، حنظلة الفلسطيني الذي أخبرتنا أنه لا يكبر منذ أن غادر فلسطين ولن ينمو إلا عندما يعود إليها، يعلن استنكاره الشديد لحالة الهوان العربي، وصار رمزاً ثورياً تحررياً، ينطق باسم الوجع الفلسطيني والمخيم الفلسطيني، وعلى لسان الإنسان البسيط، يروي للفقراء سيرة فلسطين..
ناجي الذي انضم شاباً لحركة القوميين العرب، وتبنى فكرها، حمل المخيم إلى المدن، وفلسطين إلى العالم، وما زال يطوف، يمجد الإنسان والنضال، يلعن الظلم، ويفضح المذلة والإستسلام.

بواسطة
بيسان موسى
اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى