لآخر المستجدات تابعنا على قناة تلغرام

تابعنا
أخبار دولية

هل يدشن عهد ترامب مراسيم الطلاق بين الإسلام السياسي والنظام الأمريكي؟!

بعد الفوز المفاجئ والصادم لدونالد ترامب في الانتخابات الأمريكية التي جرت مؤخراً، على منافسته الديمقراطية هيلاري كلينتون، يرى بعض المحللين أن هذا الفوز سيكون له انعكاساته على الوضع في الشرق الأوسط، وخصوصاً على الإسلام السياسي، لما يحمله ترامب في خطابه من رؤية جديدة لسياسة أمريكا الخارجية، والتي تتناقض تماماً مع سياسة كلينتون في رؤيتها للمنطقة ومن سابقه أوباما.

فترامب الذي يعتقد بوجوب التعاون مع روسيا الاتحادية للقضاء على الإرهاب، يحمل عداءً كبيراً وقوياً على جماعات الفكر الإسلامي وخصوصاً جماعة الاخوان المسلمين، فبحسب ما صرّح به وليد فارس مستشار الرئيس ترامب بعد فوزه مباشرة، بأن ترامب سيمرر مشروع اعتبار الاخوان المسلمين “جماعة إرهابية” كونهم حسب زعمه من أخطر الجماعات التي تغذي الفكر المتطرف وبأنه يجب احتواءهم عسكرياً لا سياسياً.

في المقابل توقع محللون ألا يتأثر الإخوان المسلمين بفوز ترامب، فالسياسة الأمريكية –وفق هؤلاء- لا تتبنى رأي الرئيس الشخصي، وإن كان له تأثير فإن تأثيره ضعيف خصوصاً على السياسة الخارجية للولايات المتحدة الأمريكية.

في ظل هذه المتغيرات الدولية، نقدم قراءة للواقع الراهن للإخوان المسلمين في المنطقة، والخيارات المتاحة أمامهم بعد سقوط مشروع ما أسمته كلينتون ب”الربيع العربي”، وظهور مؤشرات على تغييرات في سياسة أمريكا والغرب تجاه المنطقة.

الخواجا: الورقة الأكبر والأهم بيد الإخوان، بعد خسارة ورقة مرسي في مصر، تمثلها تركيا أردوغان

يعتقد الدكتور عصام الخواجا أن انتخاب محمد مرسي لرئاسة مصر شكّل لحظة الذروة في توسع نفوذ وحضور حركة الاخوان المسلمين، ليس في مصر فحسب بل في المنطقة، وبتنحية مرسي بدأ العد التنازلي لتراجع نفوذ الحركة في المنطقة، وتبع ذلك تصدع في حضور الاخوان المسلمين وأدواتهم السياسية والعسكرية، وبالتحديد في مناطق الصراع المحتدم بين مشروع التدمير والتفكيك لوطننا العربي من سوريا إلى العراق فاليمن من جهة، ومشروع المقاومة واستعادة الوحدة ومواجهة سياسات الهيمنة الأمريكية – الصهيونية الرجعية والتكفيرية العابرة للحدود من جهة أخرى.

لكن هذا التراجع والتصدع لم يصل حد الأفول بحسب د. الخواجا، والسبب أن حركة الاخوان المسلمين تتمتع ببراجماتية عالية، ولا يضيرها إحداث استدارات تعتبر خروجاً على نهجها وخطابها التقليدي، فيما تعتبرها قياداتهم قراراً بالتكيف مع الظروف، والانحناء الذي يجنب السقوط. ونماذج ذلك رأيناها في الأردن مؤخراً، كيف عمل الاخوان المسلمين في الانتخابات البرلمانية الأخيرة في التخلي عن شعار “الإسلام هو الحل” للخروج من عنق زجاجة التضييق الحكومي والعودة للمشاركة في الحياة السياسية، وأيضاً في سوريا منذ بداية الأزمة، وكيف قام الاخوان المسلمين بدعوة الغرب وأمريكا للتدخل العسكري المباشر في سوريا “لإنقاذ ما يسمونه ثورة”.

ويؤكد د. الخواجا، أن هذا لا يشكل تغيراً نوعياً في فكر ومنهج الاخوان المسلمين، وإنما تكيفاً مع الظروف غير المؤاتية والتي عصفت بنفوذهم وحضورهم في بعض الأقطار العربية، ووضعتهم أمام تحديات ونتائج انخراطهم في التحالف والتفاهم مع الغرب والولايات المتحدة الأمريكية والأنظمة الرجعية العربية.

هذا المنحى في الخطاب السياسي للجماعة يوضح اصطفافاتها الحقيقية، ويرسم مستقبلها السياسي، خاصة أن تطورات الصراع في المنطقة، تتجه لِتُحسَمْ في صالح محور سوريا وحلفائها روسيا وإيران والمقاومة .

ويشير د. عصام الخواجا نائب الأمين العام لحزب الوحدة الشعبية في حديثه لنداء الوطن، إلى أن الفرص المتاحة للاخوان المسلمين وأدواتها السياسية لاستمرار المشاركة في الحياة السياسية، تنحصر في الظرف الراهن في تونس والمغرب. ففي تونس استدركت “حركة النهضة” أداءها وخطابها، تكيفاً مع المستجدات الإقليمية، وتراجعت من صدارة الحكومة إلى الشريك الثاني فيها. كذلك في المغرب فإن “حزب العدالة والتنمية” قد تبنى نفس إسم وشعار حزب العدالة والتنمية التركي، والمشترك بين “حركة النهضة” في تونس و”حزب العدالة والتنمية” في المغرب هو تحالف “النهضة” مع امتدادات النظام السابق الطبقية والترويج لنهج الليبرالية الاقتصادية وتحرير السوق والقبول بشروط صندوق النقد الدولي في تونس والمغرب.

وأيضاً تشكل حماس ورقة قوية بيد جماعة الاخوان المسلمين في المنطقة، بسبب وجودها على أرض فلسطين، واستمرارها بطرح شعارات المقاومة للاحتلال الصهيوني.

لكن الورقة الأكبر والأهم بالمعنى الاستراتيجي بيد الاخوان، بعد خسارة ورقة مرسي في مصر، تمثلها تركيا أردوغان، والذي كان يعول عليه تنظيم الاخوان المسلمين لاستعادة ما فقدته من نفوذ في مصر، من خلال دوره التدخلي المباشر في الملف سوري. هذه الورقة أُضعفت وحوصرت، خاصة بعد الارتدادات على الداخل التركي سياسياً وأمنياً واقتصادياً، بسبب تعقيد الملف الكردي، وتورط حكم أردوغان الموثق في دعم المجموعات المسلحة داخل سوريا وتنسيق أجهزته الأمنية مع داعش وارتداد ذلك على الداخل التركي .

ويرى د. عصام أنه من المبكر إطلاق أحكام على حقيقة سياسات الرئيس الأمريكي ترامب، لكنه من الواضح أن هناك مستوى من التغيير في إدارة بعض الملفات المتعلقة بالمنطقة، وهناك مؤشرات لا يمكن إغفالها على وجود حسابات مختلفة لدى إدارة ترامب، في إدارة العلاقة مع روسيا التي هي اللاعب الدولي القوي الداعم للدولة السورية، وقد يلجأ ترامب إلى أدوات جديدة لتحقيق مصالح أمريكا الجيوسياسية والاقتصادية، لأن استخدام “مجموعات المعارضة الإسلامية المعتدلة” حسب وصف الإدارة الأمريكية السابقة والمرشحة الديمقراطية الخاسرة هيلاري كلينتون، قد حكم عليه بالفشل بعد تجربة كل خيارات دعمها. وهذا الأمر ينطبق بدرجة أو بأخرى على نتيجة الانتخابات القادمة في فرنسا، فنجاح فيون قد يعني أيضاً تغيراً في سياسة فرنسا وإدارة علاقاتها مع روسيا وملفات المنطقة الساخنة، ما يعني أننا أمام معطيات تؤشر لتغيرات ستحدث، وكلها تستند لواقع جديد يفرضه نجاح الجيش العربي السوري وحلفائه روسيا وإيران والمقاومة في الميدان، وفشل وتراجع الخطط الأمريكية والرجعية العربية، وهو العامل الرئيس في فرض تراجعات وتغييرات في السياسة الخارجية الأمريكية والأوروبية.

وبالرغم من أن القراءة للمرحلة القادمة في ضوء المتغيرات والمعطيات تشير إلى تغيرات دولية على السياسة الخارجية، إلا أنه علينا عدم استباق الأحداث والاستعداد لكل الاحتمالات.

محادين: صفحة الجماعات الإسلاموية ستطوى وتتوارى خلف التاريخ إذا ما استمرت الصحوة العربية

ويتفق الدكتور موفق محادين رئيس رابطة الكتاب الأردنيين الأسبق مع د. الخواجا، حيث يرى أن ما يحدد الاستشرافات السياسية في ما يخص الجماعات الإسلامية وآفاقها، ليس ما يعول عليه الأمريكيون أو الرجعيون أو العثمانيون الجدد، وليس بالتأكيد ما تقرره محميات النفط والغاز.

ولتفكر ولتقرر أقلام الاستخبارات في الأطلسي والمحميات الرجعية التابعة لها ما تريد بشأن هذه الجماعات وتوظيفها مرة ضد القومية العربية، ومرة ضد الاشتراكية والعلمانية، وثالثة ضد القوس الأوراسي وموقع روسيا فيه، فمصائرها وآفاقها رهن بتحديد سمة المرحلة وطبيعتها؛ هل هي مرحلة الصعود والنهوض لحركة التحرر الوطني والقومي العربية أم مرحلة الهبوط، ذلك أن ضمور الجماعات الإسلامية أو اندفاعها أو دفعها إلى سطح الأحداث والشارع، رهن بتشخيص المرحلة.

ويؤكد د. محادين في حديثه لنداء الوطن، أنه بات جلياً وواضحاً بحكم التجارب والمعطيات أنه في حالات النهوض العربي فإن هذه الجماعات تتوارى ويتضاءل دورها ولا تجد من يوظفها. وبالمقابل فإن مرحلة الهبوط والانحطاط السياسي، هي السيد المنعم عليها والأب الروحي لها وذلك ما برهنت عليه التجارب في التاريخين البعيد والقريب.

ففي مرحلة التاريخ القريب، مرحلة عبد الناصر يشير د. محادين إلى أن العرب كانوا في قلب المشهد العالمي، فازدهرت الفنون والآداب والتيارات العقلية وأخذ الإسلام أبعاداً حضارية تقدمية وظهر هذا الإسلام على حقيقته الإنسانية التي تحترم الاختلاف والتعدد كما في دور الأزهر آنذاك، وانهزمت الرجعية والأصولية التكفيرية أيما هزيمة وكانت معزولة تماماً عن أي حاضنة شعبية.

وعلى خلاف ذلك في مراحل الانحطاط السياسي والحضاري، وليس بعيداً عن ذلك ما نشهده اليوم منذ الانقلاب الساداتي على الناصرية وإطلاقه رباعيته السوداء؛ الخصخصة والأمركة والأسلمة (الرئيس المؤمن) والأسرلة (كامب ديفيد).

في ضوء ما سبق، فإن صحوة الأمة على إيقاع صمود سوريا وجيشها ودعمها اللامحدود من الصديق الروسي بقيادة الرئيس الشجاع بوتين، كفيل بطي الصفحة السوداء وقلب الطاولة على التحالف الأمريكي الأطلسي الرجعي العثماني واستطالاته الإسلاموية.

فإذا ما أتيحت لهذه الصحوة أن تتواصل وتتعمق أكثر فأكثر، فإن صفحات الجماعات الإسلاموية المذكورة ستطوى رويداً رويداً وتتوارى خلف التاريخ.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى