لآخر المستجدات تابعنا على قناة تلغرام

تابعنا
أخبار محلية

ورقة تجمع “اتحرك” لدعم المقاومة ومجابهة التطبيع – التطبيع الفني والرياضي / وسام الخطيب

تاليًا الورقة التي قدمها الرفيق وسام الخطيب، عضو تجمع اتحرك، في المؤتمر الوطني الرابع لمقاومة التطبيع مع العدو الصهيوني والذي عقد في مجمع النقابات المهنية، وجاءت تحت عنوان “التطبيع الفني والرياضي”:

انطلق تجمع اتحرّك لدعم المقاومة ومجابهة التطبيع في نهاية العام 2008 إبان الحرب على غزة، بمبادرة من شبيبة حزب الوحدة الشعبية، حيث انضوى تحته عدد من الجهات والفعاليات الشبابية والطلابية، وكانت مرحلته الأولى هي مواجهة البضائع الصهيونية التي كانت تغزو الأسواق الأردنية، وتم ذلك من خلال توزيع بروشورات وملصقات توعوية بهذا الخصوص، بالإضافة إلى تنظيم عدة وقفات احتجاجية أمام الأماكن التي تعرض تلك البضائع، في مقدمتها ستاربكس، وماكدونالدز وبرغر كينج، وترافق ذلك مع إطلاق حملات توعوية حول بعض الشركات العالمية الداعمة للكيان الصهيوني.

وعلى صعيد آخر عمل التجمع وفق خطة ومتابعة لكافة الملفات التطبيعية وكشفها وفضحها وتجريم مُسوّقي التطبيع على جميع المستويات السياسية والاقتصادية والثقافية والسياحية والرياضة، وذلك انطلاقًا من وعينا لحقيقة الصراع مع المستعمِر الصهيوني وكونه صراعًا مُركّبًا؛ أي يشمل المناحي المذكورة آنفًا، بذلك لا يمكننا الاكتفاء بمواجهة العدو بالمقاومة المسلحة، بل علينا مواجهته ثقافيًا وفنيًا، الخ. ذلك كلّه لمواجهة ماكنة كيّ الوعي الصهيونية، ولعزل العدو في كافة الساحات التي يحاول إثبات نفسه فيها؛ ولعل أخطرها التطبيع الثقافي بأشكاله المختلفة الفنية والأكاديمية والسينمائية لما يشكله هذا النوع من التطبيع وما يسعى إليه العدو الصهيوني ومروجي التطبيع من خلق وعي جديد مزور حول طبيعة الصراع وترويج خطاب التعايش والسلام والحب…

من هنا يتقاطع مفهوم التطبيع الذي يتبنّاه تجمع “اتحرك”، مع الرفاق في حركة مقاطعة داعمي “اسرائيل” في لبنان؛ وهو المشاركة في أيّ نشاط يجمع بين عربٍ و”اسرائيليين” ما دام الاحتلال قائمًا. وهذا ينطبق على كل أشكال التطبيع بما فيها التطبيع الفني أو التطبيع الرياضي.

مًجرّد إعطاء فرصة للعدو لإبراز نفسه كـ “طرف آخر”، سواءً فنيًا أم رياضيًا، هي قبول ضمني به دون أن نشعر، وتساوي بين الضحية والجلاد، وكأن هذا الجلاد صاحب وجهة نظر، أو يمتلك رؤية فنية، أو يحقّ له التنافس مع الرياضيين العرب بنزاهة، وكأن التستّر خلف ستار الفن والرياضة وغيرها يُخفي جرائمه التي ارتكبها ويرتكبها بحقّ أبناء شعبنا العربي الفلسطيني يوميًا، وبالتالي، أيّ عمل يساهم في إعطاء العدو تلك الفرصة هو عمل مرفوض قطعًا، ويصبّ قطعًا في خانة التطبيع، دون الحاجة لخوض أي جدالٍ بيزنطيّ حول الفصل بين الفن أو الرياضة والسياسة.

 

أهم القضايا التي رصدها تجمع “اتحرك”

استطاع التجمع من خلال متابعته لكافة القضايا التطبيعية، منع بعضها والضغط على بعض الأفراد والمؤسسات للاعتذار عن ذلك، بالإضافة إلى نسج علاقات مع بعض المؤسسات والشركات التي التزمت وأعلنت مواقفها المناهضة للتطبيع، وقد تجلى ذلك عام 2017 حين نجح تجمع اتحرّك في منع عرض فيلم المجندة الصهيونية غال غادوت في دور السينما الأردنية، وذلك بالتنسيق مع حركات المقاطعة العربية، ونخصّ بالذكر منها رفاقنا في حملة مقاطعة داعمي “اسرائيل” في لبنان، وبعدها تم الضغط على باقي دور السينما لمنع عرض فيلم 7 أيام في عينتيبي، ومنع رحلة إلى القدس المحتلة كانت تنوي إحدى المستشفيات الخاصة إقامتها، والضغط على نقابة الفنانين الأردنيين لتفعيل دورها ومحاسبة كل من يخترق معايير المقاطعة..

وفي هذا الصدد، وفيما يخص الجانب الفني تحديدًا، يتواصل تجمع “اتحرك” بشكل مستمر مع نقابة الفنانين الأردنيين، لاعتبارها نقابة ملتزمة تحمي الفن الأردني من أن يخطو في وحل التطبيع، ونذكر على سبيل المثال، لا الحصر، تواصلنا مع النقابة بخصوص أحد الممثلين الذي كان ينوي الذهاب لتقديم عرض مسرحي في أم الفحم، في النصف الثاني من عام 2018، والذي استجاب لندائنا وألغى العرض المسرحي.

فنيًا أيضًا، وفي نهاية عام 2018، رصدنا بضع حالات منها، وتواصلنا مع الفنانين والجهات المعنية، لكن للأسف لم يستجب لنا الفنانون وأقاموا حفلاتهم في الأراضي المحتلة عام 48. وفي ذات السياق يُسجّل للفنان الأردني هاني متواسي استجابته لنداء تجمّع “اتحرك” والجهات المعنية، وإلغاء حفله الذي كان من المقرر أن يُقام في الأراضي المحتلة عام 48.

رياضيًا، لم نستطع رصد أي حالات تطبيع رياضي في الأردن، لكن مما لا يخفى على الجميع أن هنالك موجة تطبيع رياضي تجوب دول الخليج العربي، وعلى رأسها الإمارات وقطر. الخطير في التطبيع الرياضي هو شريحة الشباب التي يستهدفها، وهي شريحة كبيرة جدًا. وهنا يجدر الذكر أن التطبيع الرياضي لا يكون فقط بمشاركة الأندية الصهيونية في المنافسات أو البطولات العربية، بل في اللعب في الداخل المحتل عام 48، سواءً كان اللقاء مع رياضيين صهاينة أم فلسطينيين.

مكمنُ الخطر هنا أن الكيان الصهيوني لا يدّخر جهدًا في كسر منظومة الرفض التي يُمثلها الفنانون والرياضيون العرب، الفلسطينيين منهم على وجه الخصوص. يوميًا نسمع عن فنان أو أكاديمي من أوروبا، أو جنوب أفريقيا أو أمريكا مثلًا يعلن انسحابه من المشاركة لوجود مشارك صهيوني، أو تلغي فنانة أو فرقة عالمية رحلتها إلى الكيان الصهيوني بفعل ضغط حركة المقاطعة الدولية بي دي اس وغيرها، ويقوم الكيان الصهيوني باتهام حركات المقاطعة بأنها هي من يقف وراء تلك المقاطعات وتسعى لعزله، ومن المهم الإشارة إلى أن الكيان الصهيوني ينفق ملايين الدولارات سنويًا للتصدي لنشطاء ومناصري حركة المقاطعة، عدا عن الدعاوى ضد الحركة لتجريمها، فأمام النجاحات التي تحققها حركات المقاطعة الدولية بشكل عام، والفلسطينية بشكل خاص، لم يجد الكيان الصهيوني أمامه إلا الالتفات إلى الدول العربية، لذلك نراه يسعى دائمًا للمشاركة في فعاليات وبطولات عربية، كما أنه ومن خلال ما يتاح له يقوم بجلب فنانين وأكاديميين ورياضيين عرب  إليه، وذلك من أجل كسر حاجز العزلة والحاجز النفسي، وبالتالي يشعر بأنه أصبح يقترب من تحقيق هدفه وحلمه، فإذا كانت الحركة العالمية ومناصريها يفعلون كل هذا من منطلق التضامن مع الشعب العربي الفلسطيني، أليس من المعيب على العربي الذي يبرر تطبيعه في الوقت الذي يجب أن يكون شريكًا في النضال ضد المشروع الصهيوني وليس متضامنًا مع الشعب العربي الفلسطيني فقط؟

باعتقادنا، إن أخطر ما يمكن أن يكون أو يحصل في معركتنا مع العدو الصهيوني هو أن نعتاد رؤيته وكأن شيئًا لم يكن. الاعتياد على أيّ أمر كان يقتل الدهشة فينا؛ يقتل ذلك الدافع الذي لطالما كان المُحرّك لشعب صمد وناضل في سبيل أرضه لما يزيد عن قرن من الزمان، ضد الإنجليز والصهاينة.

الاعتياد أخطر ما يمكن أن يصيبنا لأنه يعني أن العدو يُحرز تقدمًا في معركة كيّ الوعي العربي؛ الاعتياد هو أول وأخطر الخطوات في جعل التطبيع أمرًا عاديًا ومقبولًا شعبيًا وليس رسميًا فقط.

لقد استطاع تجمع “اتحرك” ومن خلال الحملات التوعوية من ندوات، وورش عمل ومبادرات متنوعة في الجامعات بالشراكة مع القوى الطلابية، بالإضافة إلى منبره على موقع التواصل الاجتماعي وتسليط الضوء على القضايا التطبيعية، تعزيز ثقافة المقاطعة ومقاومة التطبيع وجعلهما أولوية وبالأخص لدى فئة الشباب والطلاب، ولم يكن ذلك صعبًا لأسباب تعود لنظرة المجتمع العامة إلى العدو الصهيوني، فالمزاج العام ينسجم مع مواقفنا.

أما حول التحديات التي تواجهنا فأغلبها تعود للذهنية العرفية والتي تمثلت في منع عدد من الفعاليات المناهضة للتطبيع والتضييق على كل من ينشط في مقاومة التطبيع أو من يدعو للمقاطعة بأشكالها المختلفة، فالقوانين المقيدة للحريات ولعل آخرها قانون الجرائم الإلكترونية والذي يجري العمل على إقراره بغض النظر عن الشكل النهائي الذي سيخرج به هذا القانون، فهو سيشكل عائقًا أمام عملنا، فكما سيحمي الفاسدين سيحمي بطبيعة الحال المُطبّعين.

وأخيرًا، يجدر التأكيد على ضرورة أن تُولي الأحزاب والقوى والفعاليات والنقابات والحراكات وغيرها أهمية أكبر بأن تجعل المقاطعة ومقاومة التطبيع ضمن أولوياتها وعلى رأس أجنداتها، وتشكيل لجان للعمل على ذلك. ونحن مستعدون في تجمع “اتحرك” للعمل ضمن أي لجنة تنبثق عن المؤتمر، في سبيل تعزيز الجهود وتوحيدها، خدمةً لهذا الهدف.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى